الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من سبل علاج نشوز الزوجة

السؤال

عندي مشكلة معقدة وأعتذر على الإطالة، ولكنها ضرورية لتبيان الوضع.
هذه المشكلة بدأت منذ سنة، وما فتئت تتفاقم إما بسببي أو بسبب إدارتي للمشكلة، كما أني لا أستطيع اطلاع أهلي على المشكلة طلبا للستر، والد زوجتي وأخوها الكبير بعيدان، ولا يستطيعان التأثير رغم محاولاتهم سابقاً المساعدة.
المشكلة -كما تصفها زوجتي- أساسها بسبب تأففي المستمر سابقاً أمام زوجتي من سير الأمور في عملي، ووضعي الحياتي من جهة، ومن بُعد أهلي عني سنين طويلة -لأنهم بسبب الحرب مشتتون في دول العالم، وهم كبار السن، وأنا ابنهم البكر- فأصبحت اهتماماتنا(أنا وزوجتي) بعيدة عن بعضها البعض، وبردت العاطفة تدريجياً من طرفي، فجاء يوم واكتشفت أنها (خلال سفرها وحيدة مع أمها لدولة أخرى من سنة تقريبا) كانت قد قابلت شخصا، وتطورت بينهما علاقة، واستمرت على الانترنت لمدة 6 أشهر، وأصبحوا يتواصلون على برامج الدردشة، ويتبادلون كلمات الحب وعبارات جنسية، وصور، ويتفقون على سيناريو يتقابلون فيه، ويطلب الشخص الآخر منها أن تطلقني وتسافر له وتتزوجه، كما أنه حاول أن يطلب منها الذهاب معه لبيته -خلال فترة تواجدها معه في بلده- ولكنها رفضت- بحسب كلامها عند اكتشافي للعلاقة وباعترافها عندما واجهتها-
بعد اكتشافي للعلاقة كان أمامي خيار الطلاق، أو محاولة المسامحة والمضي على أمل العوض من الله، ومن أجل أن لا أفرق أطفالي عن والدتهم.
فبعد أخذ العهود منها، وتدخل والدها وأخيها الكبير لحل الأزمة، ومحاولة الستر عليها قررت إعطاءها فرصة ثانية.
وكنت سابقا أحاول السفر لأوروبا، وبعد حصول هذه المشكلة حزمت أمري، وأخذت زوجتي وأولادي، وسافرت خلال شهر من اكتشافي للعلاقة أملا ببداية جديدة.
اليوم أنا مع الأسف تغيرت، فأصبحت لا أثق بها -مرغما- وهي ما زالت تريد السفر وحدها، وتريد أن تستخدم برامج التواصل بنفس الأريحية السابقة. وما زالت تستخدم التشات ولساعات متأخرة مع صديقاتها ووالدتها.
عندما أحاول مناقشتها استناداً للأعراف فهي تدفع بأن هذه عادات الرجل الشرقي البالية، ويجب أن أعطيها حرية وثقة، وأنها تتسلى لأنه يصيبها الملل مني ومن البيت (أغلب وقتي في البيت لأني بهذه الفترة بدون عمل)
وعندما أطلب منها عدم السفر وحدها فقط لترى صديقتها. تُلِح علي بأن أسافر والأولاد معها، وأتحمل ما لا أستطيع كتكاليف أو أن أتركها تسافر وحدها لترى صديقاتها. ورغم استفتائي لشيوخ وشرحي لها أن سفرها وحيدة معارض للشرع، فترفض وتجابهني بأن تركي للدول المسلمة وسفري وعيشي بأوروبا مناف للشرع أيضا، وبأني أستغل الدين على مزاجي.
ومع الأسف يساعدها ويحلل لها هذه التصرفات والدتها حيث تشجعها وتبرر لها أي تصرف فمن فترة رأيت رسالة على جوالها من والدتها لها تبرر وتحلل لزوجتي أن علاقتها السابقة برجل غريب ليست خيانة، وإنما محاولة للبحث عن العاطفة المفقودة.
كما أنهم (زوجتي ووالدتها) بمعدل يومي يتكلمون عني وعن أسرار بيتنا - رغم رجائي منها في أكثر من مناسبة أن تحفظ أسراري وأسرار بيتي- وجل حديثهم أن قسما كبيرا من تصرفاتي وقراراتي خاطئة، ويجب أن أتبع أساليب ثانية بغض النظر مثلا:
أنا تزوجت زوجتي عن حب، ورغم ما يحدث ما زلت أحبها، ولكن أم زوجتي وزوجتي يبررن فعل الخيانة بأني كنت دائم التأفف ولَم أكن عاطفيا بشكل كاف؛ رغم معرفتهم بأني ما زلت أحب زوجتي.
واليوم أنا أساعد زوجتي حتى في ترتيب غرفة النوم، وأقوم بإيصال الأطفال للمدارس كل يوم، وحتى غسل الصحون لمساعدتها وبشكل شبه يومي، ولكن أم زوجتي تقول لزوجتي: ليس كل شيء في الحياة غسل صحون وترتيب وإلخ... يجب علي أن أكون مساهما ومتفهما ومنفتحا ... إلخ بشكل أكبر وأفضل. يجب أن أدعها تسافر وحدها، يجب أن لا أتدخل بتربية الأطفال إلا بالطريقة التي يرونها مناسبة ... إلخ.
وأنا لا أستطيع أن أكلم أحدا خوفاً من الفضيحة، ولا أستطيع أن أكلم أهلي لكي لا أهمهم، وهم بعيدون عني، ولكي لا يكرهوا زوجتي ...
هذا وغيره ولَّد داخلي إحساسا بالغضب والقهر، وجعلني عنيفا عند أبسط مشكلة وبدون سابق إنذار، من فترة ونتيجة خلاف طلقت زوجتي ثم رددتها في نفس اليوم.
ولكن هذا الإحساس الدائم بالتقصير وعدم وجود المعروف بالتعامل معي أو التقدير تجاهي من زوجتي، ناهيكم عن إحساسي الدائم بأني موضوع تسلية وسخرية دائما، وأسرار بيتي كلها موضوع تداول لدى زوجتي وأمها أصبح مؤلما جداً، ولَم أعد أطيق البيت، وأفكر في الطلاق غير الرجعي، ولكن جل خوفي الأطفال الصغار وتشريدهم.
فأرجوكم أفيدوني ماذا أفعل؟ هل من حل ينصفني وزوجتي؟ أم أتوجه إلى لطلاق؟
علماً أننا (أنا وهي) والحمد لله نصلي ونصوم ونحلل ونحرم في طعامنا وشرابنا وملبسنا.
وهي تعلّم أطفالنا القرآن والحلال ومحبة الله لكي لا يبتعدوا عن دينهم ...
أرجوكم أفيدوني، وعذرا للإطالة، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن زوجتك جملة من الشرور والمنكرات، وهي بذلك عاصية لربها ومفرطة في حق زوجها، ولا شك في أنك مسؤول عنها يجب عليك العمل على صيانتها من الفتن وأسبابها بمقتضى ما جعل الله عز وجل لك من القوامة عليها، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}، قال السعدي في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ. وثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.

وما ذكرت عنها من أمور كاف في الدلالة على نشوزها، وقد بين الشرع الحكيم كيفية علاج النشوز، وهو مذكور في فتوانا رقم: 1103، فاحرص على اتباع هذه الخطوات، والحزم مع زوجتك، وعدم الالتفات إلى ما تلقي به أمها من خواطر سيئة، وتحريض على الفسق والتهتك، وما تحاول به التأثير عليك أو على ابنتها، فإنها بذلك مفسدة لحياتكما الزوجية. وإن أمكنك أن توسط في الأمر العقلاء من أهلها كأعمامها مثلا ليتسلطوا عليها وعلى أبيها ويحولوا دون التأثير السلبي لأمها فافعل.

وفي نهاية الأمر إن لم تُجْدِ معها مساعي الإصلاح، فلا خير لك في إبقاء مثلها في عصمتك، فمثلها يستحب فراقها، وإن رأيت الصبر عليها لأجل مصلحة الأولاد فلك ذلك، وانظر الفتوى رقم: 331651. ولو قدر أن طلقتها ففسقها يمنع من استحقاقها حضانة الأولاد، فاجتهد في أن تحول بينها وبين نيل حق حضانتهم، فإن عجزت فاجتهد في تعاهدهم بالعناية والرعاية وحسن التوجيه. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 242302.

وننبه إلى أنه من الأهمية بمكان أن يشبع الزوج المشاعر العاطفية لزوجته، وليفعل ذلك ولو تكلفا لتقوى العشرة ويكتسب مودتها. ولتراجع الفتوى رقم: 32384.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني