الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته: إن رجعت للبيت دون إذني فأنت طالق ثلاثا ثم علقه بإذنه أو بغير إذنه

السؤال

تركت زوجتي البيت، وذهبت إلى بيت أهلها دون موافقتي وغصبا عني، وأنا معها في البيت، ثم بعد ذهابها لبيت أهلها حلفت عليها إن رجعت البيت مرة أخرى ستكونين طالقا بالثلاثة بلفظ واحد، مع العلم كانت نيتي إلا بإذني: أي إن أذنت لها في الرجوع لن تكون طالقا، وإن رجعت دون أخذ إذني ستكون طالقا، ولكن لن أوضح النية لفظا. قلت فقط إن جئت البيت ستكونين طالقا بالثلاثة، وقلت لها لا تذهبي لأنك ستكونين طالقا، مع الوضع في الاعتبار أثناء الحديث معها وبعد ذهابها لبيت أهلها، قلت لها وقبل أن أحلف عليها بالطلاق(أقسم بالله أنك لن ترجعي البيت إلا لو أذنت لك) أي أنها فهمت النية، ولكن لم أقلها في لفظ الطلاق. وفي اليوم الثاني أرسلت أختها لأخذ بعض أغراضها لأني قد أبلغتها إن أردت شيئا أرسلي أحدا، وبعد أن جاءت أختها، قلت لها لو أردت الذهاب لأخذ شيء من الشقة، فكما تريدين لن أمنعك، لكن ستكونين طالقا بالثلاثة، ولم أعط الإذن لها صراحة أن تذهب، لكن تركت لها الحرية لتفعل ما تريد، وأثناء الجلوس مع أبي في بداية المشكلة وضحت له إن جاءت زوجتي البيت مرة أخرى ستكون طالقا، ومن دون أن أوضح نيتي لأبي، قال لي لكن إن رجعت بإذنك لن تكون طالقا. تعجبت كيف عرف أبي نيتي!؟ قال لي هذا شيء معروف، عموما قلت لأبي وبسبب غضبي تقريبا الأمر الآن ليس فارقا معي سواء خرجت بإذني أو بغير أذني، ستكون طالقا، فهل توجد نيتان في الطلاق سواء بإذني أو بغير إذني، ولكن من داخلي أعزم وأريد نيتي الأولى، وهي إن جاءت البيت بإذني لن تكون طالقا بالثلاثة. ما حكم وجود نيتين في الطلاق بعد نفاد النية الأولى.. وأنا اعزم النيه الأولى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت نيتك عند التلفظ باليمين كانت تقييد منع الزوجة من الرجوع إلى البيت بالإذن، فلا تحنث في يمينك إذا رجعت زوجتك بإذنك، قال ابن قدامة (رحمه الله): وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......، والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص. المغني لابن قدامة (9/ 564)
أمّا قولك لأبيك بعد ذلك إنها إذا رجعت إلى البيت بإذنك أو بغير إذنك ستكون طالقاً، فإن كان هذا القول على سبيل إنشاء تعليق آخر غير مقيد بالإذن، فإنّ زوجتك إذا رجعت إلى البيت وقع عليها الطلاق ثلاثاً، وبانت منك بينونة كبرى فلا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.

وأمّا إذا كان مجرد إخبار بالتعليق السابق وما يترتب عليه ورجوع في تقييده بالإذن، ففي هذه الحال لا يترتب عليه طلاق ولا يلغي تقييد اليمين بالإذن.

وهذا الذي نفتي به هو مذهب جماهير أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وما دامت المسألة محل خلاف بين العلماء فالذي ننصحك به أن تعرضها على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم وتعمل بقولهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني