الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جاهد الوساوس ولا تسترسل معها

السؤال

شيوخي وآبائي في إسلام ويب: أنا شاب عمري 20 سنة، ملتزم الظاهر، لكن فاسد الداخل، مليء بالرياء والعجب ووو.
كنت على معاصي، وهداني ربي دون سابق إنذار، وأصبحت أصلي، واستقمت لفترة لا تتجاوز 5 أشهر، وكنت سعيدا في تلكم الفترة. بعد ذلك هجمت علي الوساوس في الدين، بدأت بذات الله سبحانه وتعالى، وهدأت، ثم بدأت مجددا في أمر الدين، وهذا الأمر باق حتى الآن.
كان يؤلمني، وقرأت أن هذا دلالة على صحة الإيمان، لكني أصبحت وكأني متعود على هذه الأفكار؛ فبقيت معي، ولم تعد تؤلم، ولم تعد تصر على عقلي، لكن الأكيد أنها زعزعت إيماني، ونقصته لحده الأدنى، وأصبح قلبي مريضا، أصبحت متهاونا مع الدين، عندما أسمع حديثا مثلا عن الدجال يؤثر في، لكن وكأن قلبي يأبى الإيمان، أستغفر الله، قلت: لعل الله يخلصني منه يوما، لكن الأمر أنني أصبحت أجبر نفسي على الإيمان بالله، بقيت أعبد الله على حالي دون أن أخاف، لكن المعروف أن من يشك فإنه ليس مسلما، البيئة في المنزل أمي وأختاي يكدن لا يصلين، أبي يصلي، لكنه يظن أن علوم الدنيا أهم من علوم الدين، حدثت معي أشياء وأحتسبها من ذنوبي شئت أم أبيت، وأصبح أبي يمنعني من مجالس العلم التي تقام بعد المغرب، وكأنه لا يجب علينا تعلم أمر الدين. أصبحت منافقا، والله أنافق الله، وأتهاون، لم أترك الفروض، لكن النوافل أصبحت لعبا أصلي بلا روح، أفكر بالدنيا، وقليلا ما أفكر بالآخرة، أعرف أن الحل القرب من الله، لكن كيف وأنا في عقلي مثل هذه الهواجس؟ ولماذا قلبي يأبى الإيمان، أصابني الله بابتلاء وتعلق قلبي بصديقي المقرب، لكن من كثرة الظن بسخط الله علي تركته، وأصبحت حياتي فارغة، أحس بشيء يرجعني لديني، لكن وكأنني كأي بشر في الأرض دينه دين عادات، الله يعلم متى سأهتدي أو لا؟
أتمنى أن أهتدي، لكن ماذا يحدث معي كما قلت لكم أنا أحب الرياء، ولكن أكرهه في نفس الوقت؛ لعلمي بإحباطه للعمل، لا أستطيع الصدق مع الله، ولا الإخلاص. إضافة إلى أن لدي ميلا جنسيا شاذا، لكني أدافعه والله وكأنني إنسان مخبول، وأحيانا أحس أن ما يتكلم به الشيوخ وأهل العلم بشأن الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم أنهم شخصيات خيالية -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- ولا أعلم كيف أسير إلى الله، لم أذق حبه يوما ....... والكثير من المشاكل، لكن الله لطيف بالعباد، عسى الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتكم، إذا تكرمتم، شجعونا أو أنبئوني أي شيء؛ لعل إحساسي تجاه الله ورسوله، يرجع لي.
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الشعور الذي يملأ قلبك بالألم والحسرة، نتيجة البعد عن الله تعالى، دليل على أن فيك خيرا كثيرا، وأنك تحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأبشر وأحسن ظنك بربك تعالى.

وأما الوساوس فجاهدها ولا تسترسل معها؛ فإن استرسالك معها يفضي إلى شر عظيم، ولا تضرك هذه الوساوس ما دمت كارها لها، نافرا منها. وأما الميول الشاذة عندك، فجاهدها، واسع في التخلص منها بتذكر منافاتها للفطرة السليمة، وسخط الله على من يستجيب لداعيها.

وأما الرياء، فاحذره وخف الوقوع فيه، لكن إياك أن تترك العمل خوف الرياء؛ فإن هذا من المزالق التي يصيد بها الشيطان العباد، فيجعلهم يتركون الطاعة خوف الرياء، والصواب أن تطيع وتخلص.

وأما مجالس العلم، فليس لأبيك منعك منها، فاحضرها، ودار أباك بأن تُعرِّض له بالقول، فتقول: إنك كنت مع بعض أصدقائك ونحو ذلك.

وأما من لا يصلون في بيتك، فعليك أن تدعوهم إلى الله تعالى، وتنبههم على خطر ما هم مقيمون عليه من المعصية العظيمة.

واعلم أن الدعوة إلى الله من أعظم ما يزيد الإيمان في القلب، وعليك أن تكثر من الدعاء، وتلهج به؛ فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. واصحب أهل الخير والصلاح الذين تعينك صحبتهم على طاعة الله تعالى، وأكثر من ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه، وجاهد نفسك على فعل الفرائض والإكثار من النوافل، فإنه وإن شقت عليك المجاهدة أولا، فسرعان ما ستتحول الطاعة إلى شيء تلتذ به، ولا تستطيع الاستغناء عنه. وانظر الفتوى رقم: 139680.

نسأل الله لك التوفيق والإعانة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني