الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعظم وأهم أسباب تفريج الكربات

السؤال

عندي بلاء عظيم جدا، لا أحد يتصوره، كيف يمكن تفريجه؟ أرجو المساعدة وإرشادي لأقوى الطرق الشرعية على الإطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم الطرق التي يدفع بها البلاء: التوبة إلى الله تعالى، فإن البلاء إنما يصيب العبد بذنبه؛ كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}. وقال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ {الروم:41}، وقال تعالى: وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ {النساء:79} .

وقال بعض السلف: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة. فعليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحا مما أنت مقيم عليه من المعاصي؛ فإن ذلك من أعظم أسباب تفريج كربك.

ومن الوسائل المعينة على ذلك أيضا: لزوم الاستغفار، فإن الاستغفار باب عظيم من أبواب الخير؛ كما قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح: 10، 11، 12}.

وروى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.

ومنها: لزوم تقوى الله تبارك وتعالى، فإن من اتقى الله وقاه، والتقوى أعظم وسائل تحصيل المطلوب ودفع المرهوب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.

ومنها: التذرع بالصبر، فإنه حصن لا يهدم وجند لا يهزم، وقد قال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران:120}، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. وفي مسلم من حديث صهيب قال صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.

ومن أعظم تلك الوسائل وأهمها: لزوم الدعاء والإكثار منه، وخاصة في أوقات الإجابة، مع إحضار القلب بتذلل وضراعة ومسكنة لله تعالى، فإن مثل هذا الدعاء لا يكاد يخيب، والدعاء من أعظم ما تستدفع بها البلايا، وتتوقى به الشرور.

ولعل الله إنما أنزل بك هذا البلاء ليسمع شكواك وضراعتك إليه، فإنه سبحانه يحب إلحاح الملحين في الدعاء، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

وفي مقدمة الداء والدواء لابن القيم رحمه الله فصول نافعة عن الدعاء وأثره في إزالة البلاء ودفعه فراجعها.

نسأل الله أن يخفف عنك وأن يرفع ما مسك من الضر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني