الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل عدم التوفيق مرده لعقوق الأم؟

السؤال

أمي -رحمها الله- كانت مريضة مرضا شديدا، وللأسف الشديد لم أكن بارا بها حق البر، ولا سيما في ليلة وفاتها، بل ويمكن القول أني كنت عاقا لها، وأشعر بالندم الشديد على ذلك، وخصوصا أني أشعر بعدم التوفيق في حياتي؛ حيث أسعي في طريق وآخر ويتعلق قلبي به، ثم يضيع ويفسد في النهاية، حتى بشهادة الناس أني شخص غير موفق في الحياة، وأفسر ذلك بأنه عقاب من الله. استغفرت الله، ودعوت لها ولي بالمغفرة والرحمة، وأهدي لها من قراءتي للقرآن؛ أملا أن يكون في ميزان عملها، وأحاول أن أبر أبي قدر المستطاع؛ لعله يكون علامة للتوبة الصادقة. فبم تنصحون في هذا الأمر؟ وبم تنصحون إزاء عدم التوفيق الملازم لي؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعقوق الوالدين - والأم خاصة - أمره خطير، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، لما للوالدين من حق عظيم على الولد، ووجوب برهما والإحسان إليهما، وراجع الفتويين: 78838، 160391 .

ولكن إن لم يكن منك عقوق لأمك وإيذاء لها ولو بأدنى ذلك من التأفيف وعبوس الوجه، وكان الأمر مجرد توهم فلا تلتفت إلى ذلك. وإن عققتها حقيقة، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى توبة نصوحا، والندم على ما فعلت أشد الندم، خاصة وأنها قد ماتت فلا سبيل لك للتحلل منها، ولكن اعمل كل ما يكون فيه بر بها بعد موتها كالدعاء والاستغفار والصدقة، عسى الله سبحانه أن يرضيها عنك يوم القيامة، وانظر الفتوى رقم: 161519، وعنوانها: صور من البر بعد موت الوالدين. وقد أحسنت ببرك بوالدك - وهو واجب عليك - ولعل الله سبحانه يرضى به عنك فيرحمك برحمته.

وما ذكرته من عدم التوفيق فيمكن أن يكون سببه العقوق، فهو مما تعجل به العقوبة في الدنيا، ولكن ليس هذا بلازم، فالبلاء له كثير من الحِكَم، ومن ذلك أن يكون مجرد ابتلاء وامتحان. ولا تكثر التفكير في هذا الأمر، بل الجأ إلى ربك وسله التوفيق، فهو مجيب دعوة المضطر وكاشف الضر، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني