الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا قدم أبو بكر الصديق للإسلام باستخدام علم النسب؟

السؤال

نرى أهمية السيرة ومناقب الصحابة متجلية بكثرة، فمما ورد عليّ أن أبا بكر الصديق قد كان رجلًا نسابًا ذا علم رفيع في علم النسب، ونحن نعلم أنه من العلوم المهمة والمفيدة، ولكن السؤال هو: ماذا قدم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- للإسلام ونشر الدعوة باستخدام علم النسب؟ وماذا استفاد المسلمون منه في ذلك الزمان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- هو خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل السنة والجماعة، وله من الفضائل والمناقب ما يعسر حصره، وانظر طرفًا من ذلك في الفتوى: 39148، والفتوى: 7261، والفتوى: 17558.

ولا يكاد يخلو كتاب من كتب السنة من أبواب في ذكر الأحاديث الواردة في مناقب الصديق -رضي الله عنه-، وقد أفردت كتب عديدة في جمع فضائله ومناقبه، ومن أمثلها كتاب: أبو بكر أفضل الصحابة، وأحقهم بالخلافة- وهو ملخص من منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية-، وكذلك الجزء المتعلق بفضائل أبي بكر -رضي الله عنه- من كتاب الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة للدكتور سعود الصاعدي.

وعلى كل حال؛ فإن سؤالك لا يخلو من غرابة وتكلف، فالاستعلام عما قدمه أبو بكر- رضي الله عنه- للإسلام من خلال علم الأنساب خصوصًا، أمر لا يترتب عليه كبير طائل، وهو أقرب إلى الترف العلمي منه إلى العلم النافع الذي ينبغي الحرص عليه.

ولو فرضنا جدلًا أن أبا بكر -رضي الله عنه- لم يستعمل علم الأنساب في خدمة ظاهرة للإسلام أبدًا، لم ينقص ذلك من قدره قيد أنملة، فقد ضحى بنفسه وماله في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم.

ونكتفي بذكر موقف واحد من نصرة أبي بكر -رضي الله عنه- لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبر علم الأنساب، ففي صحيح مسلم عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: اهجوا قريشًا، فإنه أشد عليها من رشق بالنبل»، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: «اهجهم»، فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه، فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق، لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يلخص لك نسبي»، فأتاه حسان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لحسان: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله»، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هجاهم حسان، فشفى، واشتفى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني