الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صورة هذا العقد بين الشركة والمشتري غير جائزة

السؤال

توجد شركة تقوم ببناء مجمعات سكنية، وبيع البيوت بالتقسيط للمواطنين، حسب نظام دفعات محدد. وفي العقد بين الشركة والمشتري توجد فقرة تنص على أنه في حالة نكول أو عدول المشتري عن الشراء تقوم الشركة بمصادرة كامل قيمة الدفع المقدمة، والأقساط المستحقة السداد، وبنسبة 100% كما يحق للشركة احتساب ما نسبته 20% من قيمة العقد الكلية كتعويض للشركة عن الأضرار جراء عدول المشتري عن الشراء. فهل هذا العقد جائز شرعاً؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز العقد بالصورة المذكورة في السؤال؛ لما فيها من الجهالة، والغرر، وأكل المال بالباطل؛ لأن قيمة الدفع المقدمة والأقساط المستحقة السداد، ليست معلومة عند العقد، فقد يرجع المشتري عن العقد بعد قسط واحد، وقد يرجع بعد أقساط كثيرة، بل قد يرجع ولم يبق في ذمته إلا قسط واحد! وهذا بخلاف ما لو تم الاتفاق على حجز مبلغ معين مما تم دفعه، فيكون هذا قريبا من بيع العربون، وهو محل خلاف بين أهل العلم، وراجع فيه الفتويين: 5387، 156717.
وكذلك فإن الشرط الجزائي جُعل لجبر الضرر الفعلي لا سبيلا للتسلط على الدفعة المقدمة، كما يراعى فيه الأعذار القاهرة أيضا.

وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بالشرط الجزائي: الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعًا، فيكون العذر مسقطًا لوجوبه حتى يزول. وإذا كان الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيدًا عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة. ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر، عملاً بقوله تعالى: وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. وقوله سبحانه: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى. وبقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. اهـ.

وانظر للفائدة الفتويين: 79669، 34491. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 46612.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني