الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يلبس المحرم؟ وما الفرق بين ترك أركان العمرة وترك واجباتها؟

السؤال

نفيدكم أنني سأعتمر في وقت قريب -إن شاء الله-، وقد قرأت فتاوى كثيرة عملًا بالقاعدة: العلم قبل القول والعمل.
الحمد لله وجدت كثيرًا من المسائل العلمية، وهناك بعض الأمور مشكلة لديّ، منها:
1. حكم لبس ملابس الإحرام (وهي إزار، ورداء) المأمور فعله في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ليحرم أحدكم في إزار، ورداء، ونعلين»، هل لبسهما من أركان العمرة أم واجباتها أم سننها؟ ولماذا لم يدخله العلماء في واجبات العمرة في كثير من فتاواهم؟
2. هل اختلف العلماء في كون التحلل (وهو التقصير، أو الحلق) من واجبات العمرة؟ أي: هل من العلماء من أدخل التحلل في أركان العمرة؟ لماذا لم يدخل التحلل في الأركان مع كونه لا تتم العمرة إلا به، وهو فعل في داخل العمرة؟
3. ما الفرق بين ترك أركان العمرة وترك واجباتها؛ سواء كان الترك عمدًا أم جهلًا أم ناسيًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فهنالك أمران لا بد من توضيحهما لك حتى يتبين لك الأمر:

الأول هو: أن التجرد من المخيط أو المحيط واجب من واجبات الإحرام، والمقصود من التجرد من المخيط أو المحيط: أن لا يلبس المحرم ما هو مفصَّلٌ على البدن؛ لحديث: لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلاَ وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ. متفق عليه. وفي اللفظ الآخر: وَلاَ تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ. أَخْرَجَهَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.

الثاني هو: أن الإحرام في الإزار والرداء خاصة، الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ، وَرِدَاءٍ، وَنَعْلَيْنِ. رواه أحمد، هذا مستحب، فالأمر في الحديث للاستحباب، وليس للوجوب، بمعنى أنه لا يتعين الإحرام في الإزار، والرداء، ولا يجب لبس النعلين، فلو لَفَّ على بدنه قُماشًا أو ثوبًا، ومشى حافيًا، لم يلزمه شيء، قال النووي في المجموع: السُّنَّةُ أَنْ يُحْرِمَ فِي إزَارٍ، وَرِدَاءٍ، وَنَعْلَيْنِ، هَذَا مُجْمَعٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَفِي أَيْ شيء أحرم جاز .. وقال ابن قدامة في المغني: وَلَوْ لَبِسَ إزَارًا مُوَصَّلًا، أَوْ اتَّشَحَ بِثَوْبٍ مَخِيطٍ، جَازَ. ... اهـــ.

فلبس الإزار والرداء إذن سنة مستحبة، وليس ركنًا، ولا واجبًا في العمرة، والسبب أن الشرع لم يجعل لبسهما ركنًا، ولا واجبًا؛ وبهذا تعلم جواب سؤالك عن حكم لبس ملابس الإحرام (إزار، ورداء).

وأما سؤالك الثاني عن الحلق والتقصير: هل اختلف العلماء في كونهما من واجبات العمرة، فجوابه: نعم، وانظر أقوالهم وما رجحناه في الفتوى رقم: 188277.

وأما سؤالك الثالث عن الفرق بين ترك أركان العمرة وترك واجباتها؛ سواء عمدًا أو جهلًا أو ناسيًا، فجوابه: أن تارك الواجب يلزمه دم، وأما الركن، فلا بد من الإتيان به، ولا تتم العمرة ولا الحج إلا به، فأركان العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي، من ترك شيئًا منهما لم تتم عمرته؛ سواء كان تاركه جاهلًا أم عامدًا ذاكرًا أم ناسيًا، قال صاحب الروض: ( فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه) حجًّا كان أو عمرة، كالصلاة لا تنعقد إلا بالنية (ومن ترك ركنًا غيره) أي: غير الإحرام (أو نيته) حيث اعتبرت، (لم يتم نسكه)، أي: لم يصح، (إلا به) أي: بذلك الركن المتروك هو، أو نيته المعتبرة ... (ومن ترك واجبًا) ولو سهوًا، (فعليه دم)، فإن عدمه فكصوم المتعة، (أو سنة) أي: ومن ترك سنة، (فلا شيء عليه) .. اهـــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني