الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز التكسب من الحرام للإنفاق على النفس والتزوج؟

السؤال

هل يجوز للفقير أن يكسب الحرام من العمل عبر الإنترنت، أي من المواقع والإعلانات واليوتيوب؛ نظرا لعلة في جسده، وقلة حيلته، بقدر ما يتيسر به أكله وشربه، وسكنه وزواجه؟
وإذا كان هناك أكثر من الحاجة، أنفقه على الفقراء؟ مع أن هذا لا يعجبني، لكن ليطمئن قلبي في معرفة الجواب.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمسلم التكسب عن طريق الوسائل غير المشروعة؛ لما دلت عليه النصوص من وجوب توخي الحلال في المأكل والمشرب والملبس.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. رواه مسلم.

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عله وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت، وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به. رواه أحمد والدارمي.

وسبل الكسب الحلال كثيرة لمن تحراها وابتغاها، ومن يتق الله كفاه. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق: 2، 3، 4}.

ولا يجوز أن يحمل خوفُ العجز وقلة ذات اليد، المسلمَ على ارتكاب ما حرم الله عز وجل، فما عند الله لا يطلب بمعصيته، قال الله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا {النساء:9}، وفي الحديث: إن روح القدس نفث في روعي: أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. رواه ابن ماجه.
إلا إذا بلغ المرء حد الضرورة، فلا حرج عليه حينئذ في كسب ما يدفع به تلك الضرورة، إن لم يجد غير الحرام. لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} وقوله: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.

ولك أن تراجع في حد الضرورة المبيحة للحرام، فتوانا رقم: 6501.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني