الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

في سير المعاصرين من أهل العلم والصلاح ما يمكن الاقتداء به

السؤال

أنا شاب أريد الاستقامة على الدين، وركزت على الكتب الشرعية، ولكن الكتب ليست كالواقع العملي، فمثلًا هناك فرق بين أن تقرأ عن الاستقامة، وبين أن ترى ذلك رأي العين في الواقع، وفي الحياة، فهل هناك وسيلة غير الكتب للوصول إلى السبيل؟ إذا قلت لي: اقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، واقرأ سيرة إبراهيم عليه السلام، واقرأ سير السلف، فسأقول لك: هؤلاء ماتوا منذ زمن، وأنا أريد شيئًا أراه بنفسي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولًا أن التأسي بالأنبياء والصالحين، مما أمرنا الله به، وشرعه لنا، وكل مسلم في إمكانه أن يتأسى بأنبياء الله ورسله، وإلا لما أمرنا الله بذلك، قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ {الممتحنة:4}، وقال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:21}.

نعم، القصور عن أنبياء الله والصالحين من سلف هذه الأمة، أمر لا بد منه، لكن كما قال الحسن: إن كنت على طريقهم، فما أسرع اللحاق بهم. فعليك أن تتشبه بالصالحين جهدك، وتطالع سيرهم، ففيها الخير العظيم، وقد قيل:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاحُ.

كما أن في سير المعاصرين من أهل العلم، والزهد، والصلاح، ما يمكنك الاقتداء به، وتلمس خطى أصحابه، وقفو أثرهم.

والصالحون موجودون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كل زمان -والحمد لله-.

والذي ننصحك به ليكون عونًا لك على الاستقامة هو صحبة الأخيار من المحيطين بك، ومن يتحرون متابعة السنة، وتطبيق تعاليم الدين الحنيف، فصحبة هؤلاء شيء ملموس، فترى بعينك سمتهم، وهديهم، فتقتدي بهم في ذلك، والمرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قيل:

إذا كنت في قومٍ فصاحب خيارهم ... ولا تصحب الأردا فتردى مع الردي

عن المرءِ لا تسأل وسل عن قرينهِ ... فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي.

واجتهد في دعاء الله تعالى أن ييسر لك صحبة أهل الخير، الذين يعينونك على طاعة الله تعالى، وينبهونك إذا غفلت، ويذكرونك إذا نسيت، وأن يوفقك للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني