الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علق الطلاق على عدم تحويل رصيد لأحد من البنك فإذا شحن عن طريق الكروت فهل يحنث؟

السؤال

عندما كنت أعمل في إحدى الدول منذ خمسة أو أربعة أعوام حدث أن زملائي كانوا يقصدونني في أن أحول لهم عن طريق حسابي البنكي مائة درهم، أو خمسين درهمًا رصيدًا إلى هواتفهم؛ حيث كان البنك الذي فيه راتبي يوفر هذه الخدمة، يقول لي التسجيل الصوتي: أدخل الرقم الذي تريد التحويل إليه، ثم أدخل المبلغ الذي تريد تحويله، وفي مرة طلب مني أحد الزملاء تحويل رصيد قيمته مائة درهم، وبالخطأ عندما طلب مني موفر الخدمة إدخال رقم الهاتف الذي أريد التحويل إليه، والمبلغ الذي أريد تحويله، كتبت رقم هاتف زميلي، وبدلًا من كتابة مائة درهم كتبت ألف درهم، فعلقت طلاقًا على ألا أحول لأحد، فإذا اشتريت لأحد من البقالة كروت شحن هواتف فهل أكون حانثًا، أم يقتصر الحنث على التحويل عن طريق البنك فقط؟ وأنا إلى الآن لم أحول من البنك لأحد، لكن حدثت هذه الأشياء في إحدى المرات:
1- كنت في إحدى الدول، ولم أكن اشتريت فيها خط هاتف، فطلبت من عامل الفندق أن يعطيني هاتفه؛ لأشحن لنفسي على رقمه الذي يملكه، وقلت له: سأترك لك باقي الكرت الذي شحنته لك؛ لأنه قد لا يعطيني هاتفه، فهل حنثت بهذا الفعل؟
2- حتى لا أحول لزوجتي من البنك، أو أشتري لها بطاقة شحن جعلت لها مصروفًا شهريًّا، ولم أكن أعطيها من قبل مصاريف شهرية، وإنما أعطيتها حتى تشتري هي بنفسها، فهل إعطائي لها النقود، وأعلم أنها ستشتري بها بطاقات تشحن به هاتفها يعتبر حنثًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أنّ المعتبر في الأيمان النية، فإن عدمت النية فالمرجع حينئذ إلى سبب اليمين وما هيّجها، وإذا عدم سبب اليمين، فالمرجع إلى ظاهر اللفظ قال ابن قدامة -رحمه الله: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له. وقال -رحمه الله-: فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه.

والظاهر من سبب يمينك أنّك قصدت بهذه اليمين الامتناع من تحويل الرصيد عن طريق البنك، لا سواه.

وعليه؛ فما لم تكن نويت بيمينك الامتناع من التحويل بأي طريق، ولو بالإعانة عليه، فإنّك لا تحنث في يمينك بما سوى التحويل عن طريق البنك، وكل الصور التي ذكرتها في سؤالك، لا تحنث بها في يمينك.

واعلم أنّ الراجح عندنا أنّ الطلاق المعلّق يقع بحصول المعلق عليه؛ سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أم قصد التهديد، أم التأكيد، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ من علّق طلاق امرأته على شرط، ولم يقصد به الطلاق، وإنما قصد التأكيد، فإنه إذا حنث لم يقع طلاقه، ولكن تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني