الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتناء جسد الدمية المفصول عن الرأس، واقتناء الرأس وحده

السؤال

هل يجوز الاحتفاظ بالدمى البلاستيكية، عند فك رأس الدمية، والاحتفاظ بجسدها ورأسها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا حرج في اقتناء الصورة غير تامة الخلقة -وهي التي قطع منها جزء لا تتم الحياة إلا به كالرأس ونحوه-.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا كانت الصورة -مجسمة كانت، أو مسطحة- مقطوعة عضو لا تبقى الحياة معه، فإن استعمال الصورة حينئذ جائز، وهذا قول جماهير العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. وقد وافق على الإباحة هنا بعض من خالف، فرأى تحريم التصوير، ولكن لم يرد تحريم الاقتناء، كالشافعية. وسواء أكانت الصورة قد صنعت مقطوعة من الأصل، أو صورت كاملة، ثم قطع منها شيء لا تبقى الحياة معه. وسواء أكانت منصوبة، أو غير منصوبة.
والحجة لذلك ما مر أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: مر برأس التمثال فليقطع حتى يكون كهيئة الشجرة، وفي رواية أنه قال: إن في البيت سترا، وفي الحائط تماثيل، فاقطعوا رؤوسها فاجعلوها بساطا أو وسائد، فأوطئوه، فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل.

ولا يكفي أن تكون قد أزيل منها العينان أو الحاجبان، أو الأيدي أو الأرجل، بل لا بد أن يكون العضو الزائل مما لا تبقى الحياة معه، كقطع الرأس، أو محو الوجه، أو خرق الصدر أو البطن.

قال ابن عابدين: وسواء أكان القطع بخيط خيط على جميع الرأس حتى لم يبق له أثر، أو بطليه بمغرة، أو بنحته، أو بغسله.

وأما قطع الرأس عن الجسد بخيط، مع بقاء الرأس على حاله، فلا ينفي الكراهة؛ لأن من الطيور ما هو مطوق، فلا يتحقق القطع بذلك.
وقال صاحب شرح الإقناع من الحنابلة: إن قطع من الصورة رأسها فلا كراهة، أو قطع منها ما لا تبقى الحياة بعد ذهابه فهو كقطع الرأس كصدرها أو بطنها، أو جعل لها رأسا منفصلا عن بدنها؛ لأن ذلك لم يدخل في النهي.

وقال صاحب منح الجليل من المالكية: إن ما يحرم ما يكون كامل الأعضاء الظاهرة التي لا يعيش بدونها، ولها ظل.

غير أن الشافعية اختلفوا فيما لو كان الباقي الرأس، على وجهين: أحدهما: يحرم وهو الراجح، والآخر: لا يحرم. وقطع أي جزء لا تبقى الحياة معه يبيح الباقي، كما لو قطع الرأس، وبقي ما عداه.

جاء في أسنى المطالب وحاشيته: وكذا إن قطع رأسها، قال: الكوهكيلوني: وكذا حكم ما صور بلا رأس، وأما الرؤوس بلا أبدان فهل تحرم؟ فيه تردد. والحرمة أرجح.

قال الرملي: وهو وجهان في الحاوي، وبناهما على أنه هل يجوز تصوير حيوان لا نظير له: إن جوزناه، جاز ذلك، وإلا فلا، وهو الصحيح. وفي حاشية الشرواني وابن قاسم: إن فقد النصف الأسفل كفقد الرأس. اهـ.
وعليه: فلا حرج في اقتناء جسد الدمية الذي فصل عن رأسها عند عامة العلماء، وكذلك لا حرج في اقتناء الرأس المفصول عن الجسد عند جمهور العلماء -خلافا للشافعية في الراجح عندهم-.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 193975.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني