الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطالب من زميله تسجيله حاضرًا وهو غائب

السؤال

أترك حصة الرياضة، علمًا أنها تكون وقت العصر، وحضورها يمنعني من صلاة الجماعة، وأنا أدرس في الكلية التي يلزمنا نظامها عدم الخروج منها إلا يوم الخميس بعد انتهاء الدوام، والرجوع إليها يوم السبت ليلًا، فالرياضة في يومي الاثنين والأربعاء عصرًا، فيكون تسجيل الحضور بالأسماء، وهناك طالب مناوب يقوم بتسجيل الحضور، فكنت أقول لأحد أصدقائي أن يبلغ المناوب أن يسجل حضوري، ومن لم يجدوا اسمه في الحضور في اليوم التالي يتم عقابه، علماً أن جميع الطلاب يجمعون الظهر والعصر؛ بحجة أنهم مسافرون، وأغلبهم على مذهب من مذاهب المبتدعة، وأنا لا أجمع؛ لأن مكاني بعيد، وأجلس في الكلية ما يقارب الأسابيع، فهل ما أفعله فيه إثم عليّ، بشأن تسجيل أني حاضر وأنا غائب عن الحضور؛ لأجل الصلاة؟ وهل يعتبر هذا تزويرًا أو غشًّا؟ علمًا أن حصة الرياضة ليست عليها درجات، ولا شيء، إلا أننا نركض حول سور الكلية فقط، أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أن تسجيلك الحضور وأنت في الواقع لست حاضرًا، كذب، والكذب محرم، ولا يجوز في غير ضرورة، أو حاجة معتبرة شرعًا، كما بيناه في الفتوى رقم: 117073.

ولم تبين لنا -أخي السائل- العقابَ الذي سيلحقك إذا لم تحضر حصة الرياضة، وإن كنت تعني أن العقاب هو أن تركض حول سور الكلية، فهذا ليس عقابًا في الحقيقة، بل هو رياضةٌ مفيدةٌ، وتعويضٌ لما فاتك من حصة الرياضة، اللهم إلا أن يلحقك بالركض مشقة، فلا حرج عليك في أن تسجل اسمك للحضور؛ لأن الكذب للحاجة المعتبرة شرعًا، يجوز، قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَذِبَ قَدْ يُبَاحُ، وَقَدْ يَجِبُ؛ وَالضَّابِطُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: أَنَّ كُلَّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ جَمِيعًا، فَالْكَذِبُ فِيهِ حَرَامٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ التَّوَصُّلُ بِالْكَذِبِ وَحْدَهُ، فَمُبَاحٌ إنْ أُبِيحَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْمَقْصُودِ، وَوَاجِبٌ إنْ وَجَبَ تَحَصُّلُ ذَلِكَ .. اهـ.

ومثله ما قاله ابن القيم في زاد المعاد من: جَوَاز كَذِبِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ، إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ ضَرَرَ ذَلِكَ الْغَيْرِ، إِذَا كَانَ يَتَوَصَّلُ بِالْكَذِبِ إِلَى حَقِّهِ .. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني