الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب قضاء رمضان قبل دخول رمضان التالي أم يجوز تأخيره؟

السؤال

هل يجب قضاء الصوم قبل شهر رمضان التالي؟ أم إن هناك رأيًا يقول بجواز قضائه ولو بعد رمضان؟ مع الأدلة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء في قضاء رمضان هل يجب قضاؤه قبل دخول رمضان التالي، أم إنه يجوز تأخيره، ولو بعد رمضان التالي؟ على قولين، والأول هو قول الجمهور، والثاني هو قول الحنفية، جاء في الموسوعة الفقهية: الأْصْل الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مَا لَمْ يَتَضَيَّقِ الْوَقْتُ، بِأَلاَّ يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ الْقَادِمِ إِلاَّ مَا يَسَعُ أَدَاءَ مَا عَلَيْهِ، فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْوَقْتُ لِلْقَضَاءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فِيهِ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى تَأْثِيمِهِ بِالتَّأْخِيرِ إِذَا فَاتَ وَقْتُ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِقَوْل عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ؛ لِمَكَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَلَوْ أَمْكَنَهَا لأَخَّرَتْهُ، وَلأِنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الأْولَى عَنِ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ هَلّ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ، لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ عِنْدَهُمُ الْمُتَابَعَةُ؛ مُسَارَعَةً إِلَى إِسْقَاطِ الْوَاجِبِ ... اهـ.

واستدل الحنفية على جواز التأخير بأن الأمر بالقضاء مطلق، ولم يعين فيه زمن محدد، قال ابن نجيم في البحر الرائق: الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مُطْلَقٌ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي، كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَمَعْنَى التَّرَاخِي عَدَمُ تَعَيُّنِ الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لِلْفِعْلِ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ شَرَعَ فِيهِ، كَانَ مُمْتَثِلًا، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ، وَيَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فِي زَمَانٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْأَدَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ .. اهـ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني