الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الجناية التي يجتمع فيها حق الله وحق الآدمي

السؤال

أولا: أريد أن أعرف سيادتكم بأني بفضل الله تعالى، أقوم بعمل دراسات عليا. وأبحاث في الشريعة، والفقه الإسلامي.
وعلى ذلك، فإن أغلب أسئلتي تكون ذات طابع خاص. وربما كررت السؤال للاستيضاح. لا بناء على وسوسة، أو تكرير بغير فائدة. ولكنني أكون قد استفسرت عن وجهة معينة في مسألة ما. وأريد التعرف على وجهة أخرى، في نفس المسألة. ولربما لا يتفطن لذلك كثير من علمائنا الأفاضل، ممن يقومون بالإجابة.
ثانيا: السؤال هو: هل مسامحة العبد من ارتكب في حقه كبيرة، يستوجب مغفرة الله تعالى، حتى ولو مات المذنب مصرا على ذنبه بغير توبة. كأن تسامح الأم ابنها العاق، أو يسامح الأخ أخاه الذي يرتاب فيه، أو تسامح المغتصبة من اغتصبها. أم إن المسامحة لا تستوجب بالحتم مغفرة الله؛ لأن مسامحة العبد لأخيه، لا تسقط عنه معصيته لله، واستهانته بحرمات الله، واقتراف الكبائر.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه إلى أنّ هذا الموقع ليس معنياً بجواب الأسئلة البحثية، ولكنه معني بإسعاف المستفتين بالإجابة على أسئلتهم الشرعية، التي يحتاجون إليها.

وبخصوص سؤالك عن إثم المعصية المتعلقة بالآدمي كعقوق الوالدين، والإكراه على الزنا، والغيبة، والقذف ونحو ذلك، هل يسقط بمجرد عفو الآدمي صاحب الحق؟ أم لا بد من التوبة إلى الله تعالى؟

فالجواب أنّ عفو الآدمي لا يكفي دون توبة بين العبد وربه؛ أنّ هذه المعاصي يجتمع فيها حقّ الله وحقّ العبد.

قال النووي -حمه الله- في رياض الصالحين: قالَ العلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى، لا تتعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ، فلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:

أحدُها: أَنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.

والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.
والثَّالثُ: أَنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا.

فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ، َلم تصح توبَتُهُ.

إنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ، فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأَنْ يَبْرَأَ مِنْ حَقّ صَاحِبِها. اهـ.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقا لله، وحقا للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه، والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني