الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ادعاء الهبة بدون بينة لا يكفي

السؤال

أولا: جزاكم الله عنا خير الجزاء، وأشكركم على سعة صدركم، وحلمكم في الرد على الأسئلة جعلها الله ذخرا لكم في الدنيا والآخرة.
كنت قد طرحت سؤالا: الفتوى رقم: 2698887 و2698455 في نفس السياق، ولكن هذا هو السؤال بعد المستجدات، والمزيد من التوضيح؛ فأرجو الرد بفتواكم الكريمة.
دفع والدي ثمن شقة لأحد المكاتب التي تقوم ببيع العقارات، وكتبت الشقة من البائع باسم والدتي، ولم يكتب عقدا باسم الوالد هو فقط من قام بدفع المقدم والأقساط، ولكن الشقة كتبت باسم والدتي، وقال الوالد لوالدتي بأن هذه الشقة لي، وهو لم يكتبها باسمي مباشرة؛ لكي أستطيع أن أقدم على شقة أفضل إذا توافرت شقة أفضل. وكان يخطط لأن أتزوج بها، وبعد فترة علم الأقارب المقربون بأني سوف أتزوج بها، وكانت هذه الشقة بالتقسيط من 2006 إلى 11/2009، وكانت هاته الشقة غير مسكونة، ولم يستغلها الوالد في سكن أو غيره. وكنت أمتلك عقدها، وإيصالات السداد ومفتاح للشقة. وبعد استلامنا للشقة من البائع، أعطى الوالد المفتاح لأحد الجيران: صديق له، لكي يقوم بتشطيب الشقة على اعتبار أني سوف أتزوج بها، ولم نأخذ منه المفتاح للحرج من ذلك، وظل يستغلها إلى أن جاء أحد الأقارب وعرض على الوالد بأن يتزوج بها بدون أجر، فأخبرنا والوالد بذلك، وكنا جميعا موافقين، وقال لي الوالد بأن هذا القريب يريد أن يتأكد من موافقتي لكي يوافق على السكن، ولذلك لا بد أن أكون حاضرا للكلام والوالد يخبره بالموافقة.
فهل يعتبر هذا حيازة للهبة؟
ثم تزوج والدي في 7/2009 وأخبر زوجته بأن هذه الشقة ملكي، وأن والدتي هي من دفعت ثمنها. ورزقه الله بمولودة في 2010.
فما حكم هذه الهدية أو الهبة من حيث انعقادها؟ هل تمت أم لا؟ وهل إذا تمت يعتبر هناك إثم علي أم لا؟
مع العلم أني قد سألت أحد أمناء الفتوى في بلدي مرتين، وكانت نفس الإجابة بأن الهبة قد تمت بقبض والدتي، وأن الهبة الآن ملك لوالدتي، وتعتبر ملكا لي إذا أقرت والدتي بذلك، وأن القبض قد تم عن طريق العقد، وهو الآن يعتبر صيغة القبض، وأنه لا إثم علي في أن آخذ هذه الهبة؟
كما سألت أحد الدكاترة المتخصصين بالفقه المقارن، وفهمت من حديثه معي بأن الهبة قد تمت، ولكن لا بد أن أعطي لأختي مثل ما أخذت، وأن الأمر به إثم علي إذا لم أعطها مثلي.
فهل تعتبر الهبة تمت أم لا؟
وهل على إثم في ذلك؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالذي يمكننا قوله هو أن الهبة لا تتم إلا بالحيازة، والحيازة هي أن يستلم الموهوب له الشقة، ويمكنه حقيقةً أن يتصرف فيها لو أراد بيعها، أو تأجيرها، أو غير ذلك.

وما دام أن الشقة ملك للوالد في الأصل، اشتراها أو وكل من يشتريها له، فإن أي أحد -سواء أنت أم والدتك- يدعي أنها هبة له، أو أنه تسلم المفتاح وصار يتصرف فيها، فإنه يجب عليه إقامة البينة عند المحكمة الشرعية، ولا يكفي في مثل هذه الأمور إرسال سؤال إلى أهل العلم من قبل مدعي الهبة.
والهبة الجائرة التي يؤثر بها الواهب بعض أولاده من غير مسوغ شرعي، ترد حتى بعد وفاة الواهب في قول كثير من الفقهاء، وانظر الفتوى رقم: 161261.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني