الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتصاص الدين من الأب بدون علمه

السؤال

سؤالي هو كالتالي: قبل مدة طويلة أيام الدراسة، احتلت على والدي وأخذت منه مبلغا من المال؛ لأن المصروف الذي كان يعطيني لم يكن يكفيني للتنقل، والمصاريف الأخرى.
حاليا أريد أن أرد المبلغ الذي أخذته، لكن المشكلة أن والدتي -رحمها الله- توفيت قبل ثلاث سنوات، ولها دين عند والدي لم يرده بعد، ونصيبي من هذا الدين أكبر بكثير من المبلغ الذي أخذت.
فهل يجب علي إرجاع ما أخذته من والدي أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت أخذت من مال أبيك دون علمه ما تحتاجه لنفقتك بالمعروف، فليس عليك شيء، ولا يلزمك رد هذا المال لأبيك، وراجع الفتوى رقم: 366634
أمّا إذا كنت أخذت هذا المال بغير حق، فالواجب عليك ردّه لأبيك، وإذا كان لك على أبيك دين من ميراث أمّك، فالظاهر -والله أعلم- جواز احتساب هذا المال من الدين الذي على أبيك دون حاجة لإعلامه ورضاه.

قال الزركشي -رحمه الله-: إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ، وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ. إمَّا مِنْ جِهَةٍ كَسَلَمٍ وَقَرْضٍ. أَوْ مِنْ جِهَتَيْنِ كَقَرْضٍ وَثَمَنٍ، وَكَانَ الدَّيْنَانِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَالْحُلُولِ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوْ اخْتَلَفَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ. فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَصَحُّهُا: عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّ التَّقَاصَّ يَحْصُلُ بِنَفْسِ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الرِّضَا. المنثور في القواعد الفقهية.
وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: وليس من شرط المقاصة في الدينين أن يكون سبب كل منهما جائزاً غير محظور، فلو كان سبب أحدهما جائزاً كالبيع، والآخر محظوراً كالغصب، أو كان السببان محظورين كالاستهلاك، وقعت المقاصة، ولا أثر لعدم مشروعية السبب في منع المقاصة، بعد توفر السبب: وهو ثبوت الدين في الذمة بحيث صار كغيره من الديون التي يجب الوفاء بها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني