الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يوجد في القرآن حشو أو تكرار لمعنى من غير فائدة

السؤال

لماذا الآية في سورة التوبة 26 نفسها في الآية 40 ذكر سكينة، ثم جنوداً؟ هل هذا تكرار أم ما الحكمة، والفرق بينهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن القرآن الكريم أجل وأعظم من أن يقع فيه نقص أو زيادة لغير معنى أو لحكمة، لأنه كلام الخالق -سبحانه- وقد جعله معجزة خالدة على مر العصور والدهور لنبيه وصفيه من خلقه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فتحدى به العرب والعجم؛ بل والجن والإنس أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، والتاريخ شاهد على عجزهم جميعاً عن ذلك، وأنى لهم ذلك والله تعالى يقول: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا [البقرة:23-24].

ومن هنا تعلم -أخي- أنه لا يوجد في القرآن الكريم حشو أو تكرار لمعنى من غير فائدة عظيمة، فالآية الأولى التي أشرت إليها وهي قوله سبحانه: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ [التوبة:26]، جاءت في معرض المنِّ على المؤمنين بنصر الله لهم لما فروا من القتال يوم حنين مع كثرتهم وعدتهم وعتادهم، فلولا أن الله -تعالى- تداركهم برحمته، ما عادوا إلى القتال ثانية، ووقفوا في وجه عدوهم، وغلبوهم بتفضل الله عليهم. ولو أنك رجعت إلى الآيات السابقة للآية لتجلى لك الأمر واتضح.

أما الآية الثانية وهي قوله سبحانه: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:40]، فإنها وردت تقريعاً للمتقاعسين عن نصرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خروجه إلى غزوة تبوك، فذكرهم القرآن بأن الله -تعالى- الذي نصر عبده وأيده وأنزل سكينته عليه يوم أن أخرجه من مكة، قادر على أن ينصره في كل وقت وحين، وهذا المعنى يفهم بوضوح عندما يعود الإنسان إلى أول الآية: إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:40].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني