الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتهام المسلم بالسحر بسبب إخبار الجن بذلك

السؤال

أحد أقربائي متلبس بجن، وعندما يغمى عليه يبدأ من بداخله بالكلام، ويخبره بأحداث وقعت، والغريب أن من بين هذه الأحداث ما وقع فعلًا، فهل كل ما يقوله هذا الجن -إن صح التعبير- يكون صدقًا؟ فقد أخبره بأن أحدهم عمل له سحرًا، والمعلوم أن هذا الشخص مؤذً، فهل نصدق الأمر أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز الإقدام على اتهام مسلم بهذا الاتهام الخطير، وهو أنه عمل سحرًا لغيره بمجرد إخبار جني بذلك، على تقدير صحة ما ذكرت؛ وذلك لأن الإنسي لو أخبر بشيء من هذا لوجب التثبت من خبره قبل الحكم بصحته، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}، فكيف بخبر جني هو إما كافر، وإما فاسق؛ لكونه تلبس بإنسي، لا يجوز له أذيته، والتلبس به، وقد سئلت اللجنة الدائمة عن الاستعانة بالجان في معرفة العين، أو السحر، وكذلك تصديق الجني المتلبس بالمريض بدعوى السحر، والعين، والبناء على دعواه؟

فأجابت بما يلي: لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة، ونوع علاجها؛ لأن الاستعانة بالجن شرك، قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}، وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}، ومعنى استمتاع بعضهم ببعض: أن الإنس عظموا الجن، وخضعوا لهم، واستعاذوا بهم، والجن خدموهم بما يريدون، وأحضروا لهم ما يطلبون، ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس، وقد يكذبون، فإنهم لا يؤمنون، ولا يجوز تصديقهم. انتهى.

وعلى هذا المريض أن يرقي نفسه بالرقى النافعة الثابتة من الكتاب والسنة حتى يذهب الله عنه ما يجد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني