الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احتيال على الربا في عملية بيع بالتقسيط

السؤال

السؤال: هل تجوز عمليه البيع الآتية؟ وما حكمها؟
تمتلك إحدى مؤسسات إقراض الأموال، معرضا لبيع السلع اليدوية، والتي تتميز بجودة المنتج، وعدم تطابقها مع منتجات أخرى، وكذلك ساعات وميداليات، وسلاسل فضية وذهبية.
المهم هو طريقة الإقراض، والتي تتلخص في أن يختار العميل المنتج الذي يريده، والمكتوب عليه ثمنه، ونسبة الخصم الذي عليه.
فمثلا توجد سلسلة فضية، كتب عليها 20,000 عشرون ألف دينار، وخصم 97.5%.
يوقع العميل على أنه اشترى بضاعة بمبلغ 24,000 أربعة وعشرين ألفا بالتقسيط على سنتين، وبقسط شهري ألف دينار.
عند تسديد العميل لأول قسط وهو 1000 ألف دينار، نقول له تم تفعيل الخصم، وتم إيداع مبلغ 19,500 تسعة عشر ألفا، في الخزينة، يمكنكم استلامها (20,000 × 97.5% = 19,500)
تلك كانت صيغة العقد، لكن في حقيقة الأمر المؤسسة تقرض العميل مبلغ 19,500 وتأخذها 24,000 بالتقسيط على سنتين؛ لأن الثمن الحقيقي للسلعة لا يتجاوز 20 عشرين دينارا، تضاف إلى مصاريف المؤسسة كالرواتب والإيجارات.
وفي الختام نعتذر عن الإطالة، ونرجو سماع رأيكم الشافي الوافي، ولكم جزيل الشكر والعرفان، وجزاكم الله خيرا على جهودكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته في السؤال، حيلة بينة على الربا، ولا تغير من حكمه شيئا؛ لأن الخصم من الثمن، حط، والجهة البائعة لم تستلم الثمن حتى ترد منه تلك النسبة، والسلعة ثمنها عشرون ألف دينار فقط، كما ذكرت.

وعليه؛ فالمعاملة حقيقتها أنها قرض بفائدة، فلا يجوز الدخول فيها، والحيلة مخادعة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل. رواه ابن بطة، وحسنه شيخ الإسلام.

وكل معاملة يقصد منها أخذ نقود بنقود أكثر منها على أجل، فهي معاملة ربوية، محرمة.

وقد أوضح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه -رحمه الله- فقال: فمتى كان مقصود المتعامل دراهم بدراهم إلى أجل، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى. ... فإنه ربا، سواء كان يبيع ثم يبتاع، أو يبيع ويقرض، وما أشبه ذلك.

ثم ساق أحاديث تبين هذا. ثم قال: وهذه الأحاديث وغيرها، تبين أن ما تواطأ عليه الرجلان بما يقصدان دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل، فإنه ربًا... انتهى بتصرف يسير.

وصورة التواطؤ واضحة في المعاملة المذكورة.

وقال الشيخ يوسف الشبيلي في كتابه: (الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي):
من شروط المرابحة المصرفية: ألا يكون القصد من المعاملة التحايل على الربا … ويظهر التحايل على الربا في المرابحة المصرفية في صور متعددة، منها: أن يكون الآمر بالشراء هو نفسه البائع على البنك، فإن كثيراً من الآمرين بالشراء يطلب شراء السلعة من شخص بعينه، قد يكون شريكا، أو وكيلا له، أو بينه وبين الآمر مواطأة على الحيلة. انتهى بتصرف يسير.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني