الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدلالة على برامج لمن يُعلم أو يُشك في استعمالهم إياها في محرم

السؤال

جزاكم الله خيرا.
أنا شاب عندي خبرة ببرامج الهواتف والحاسوب، بعض الأحيان يسألني أصدقائي عن برامج للتحميل من اليوتيوب أو الفيسبوك، وأنا أعتقد أنهم يريدون تحميل الأغاني؛ فأمتنع عن إعطائهم.
هل إذا أعطيتهم أكون آثما؟ وهل أكون آثما إذا أعطيتهم البرنامج، وأنا أشك فقط أنهم يريدون استخدامه في تنزيل الأغاني، أو الفيديوهات التي توجد فيها موسيقى؟
وبحكم خبرتي بالكمبيوتر، بعض أفراد العائلة، أو الأصدقاء يطلب مني أن أنزل ألعابا لأطفاله على الكمبيوتر أو الهاتف، بعضهم لا أستطيع أن أرفض طلبه؛ لكيلا تحدث حساسية بيني وبينهم، أو انزعاج.
فهل آثم إذا نزلت لهم الألعاب، أو إذا نزلت الألعاب لأي شخص آخر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من القواعد المقررة في الشرع، أن الإعانة على معصية الله محرمة، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.

لكن المنع من الإعانة على المحرم، محله عند العلم بحال المعان -ومثله غلبة الظن عند بعض العلماء-، وأما الشك فلا يوجب المنع.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية -في الكلام عن بيع العصير لمن يتخذه خمرا-: اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.

أما الشافعية فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا أو مسكرا، واختاره ابن تيمية.

أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم: فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة. ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه. اهـ.

وعليه: فمن علمت أو غلب على ظنك أنه سيستخدم موقعا، أو برنامجا في محرم، فلا يسوغ لك إعانته بتعليم أو غيره، وأما مجرد الشك فلا يوجب تحريم الإعانة.

وأما قولك: (بعضهم لا أستطيع أن أرفض طلبه؛ لكيلا تحدث حساسية بيني وبينهم، أو انزعاج.) فهذا ليس عذرا أبدا في ارتكاب المحرم، والإعانة على المعصية.

وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 325780.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني