الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأفضل للولد المُفضَل في الهبة دون مسوغ ردها بعد موت الوالد

السؤال

توفي أبي مند سنوات، وترك ابنين وبنتين (الكل متزوجون) كما ترك ميراثا، ومن بينه قطعة أرض، وهبها في حياته لابنيه دون البنات، حيث أقاما عليها مشروعا يكون مصدر رزق لهما. والهبة كانت لرد الاعتبار، وشكرا لابنيه اللذين عاشا وعائلتيهما معه في منزل واحد منذ عشرات السنوات، قاموا بخدمته وقضاء سائر شؤونه، حتى إنهم لم يعملوا في مكان قط إلا في دكان الأب، إلى حين تقاعدهم.
سؤالي هو: هل تجوز هذه الهبة شرعا، أو يجب علينا أي الأبناء أن نعطي البنتين نصيبهما من الأرض، حتى لا نحمل أبانا -رحمه الله- وزرا هو في غنى عنه؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالأحوط والأبرأ لذمتكم وذمة أبيكم، أن تردوا تلك الهبة، وتقسموها بين جميع الورثة القسمة الشرعية، وذلك أن الهبة لبعض الأولاد دون بعض، من غير مسوغ شرعي، تعتبر هبة جائرة محرمة، وترد حتى بعد وفاة الواهب عند جمع من أهل العلم.

وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- فقد قال رحمه الله تعالى: وَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُفَضَّلُ: فيَنْبَغِي لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَلْ يَطِيبُ لَهُ الْإِمْسَاكُ إذَا قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ، كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ. اهـ.

وقال في مجموع الفتاوى: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَرُدَّهُ، رُدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا؛ طَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَاتِّبَاعًا لِلْعَدْلِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ؛ وَاقْتِدَاءً بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَلَا يَحِلُّ لِلَّذِي فضلَ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاسِمَ إخْوَتَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ بِالْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ. اهـ.

وقد فصلناه هذه المسألة في الفتوى رقم: 332782، وغيرها من الفتاوى.
وما ذكرته في سبب هبة الأرض للأبناء من كونهم عاشوا مع الوالد، ونحو ذلك من البر به، هذا ليس مسوغا شرعيا للتفضيل، اللهم إلا مسألة العمل في محل الوالد إن كانوا يعملون عنده بأجرة متفق عليها، ولم يعطهم حقهم، فإنهم يأخذون من تلك الأرض مقدار حقهم الذي لم يعطهم إياه، وإن كانوا يعملون عنده مجانا تبرعا، فليس هذا مبررا لتفضيلهم بالهبة، وبرُّكم بأبيكم أجركم عليه عند الله، فينبغي المبادرة إلى إقامة العدل في الذي تركه أبوكم، فهو خير لكم وله إن شاء الله تعالى.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني