الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخ الخطبة قد يكون أولى

السؤال

أنا مخطوبة من سنة ونصف، خطيبي لا يغض بصره، وعندما أخبر أهلي يقولون كلهم كذلك، كما أنه لم يوافق على أمر النقاب، وحاولت معه كثيرا، ولكنه لم يقتنع، فلبسته ووضعته أمام الأمر الواقع. لم أكن أحس تجاهه بقبول، لا أعلم لماذا، ولكن أهلي أجبروني على الخطوبة، هو ليس ملتزما، حاولت معه كثيرا حتى يتغير، وحاولت إقناعه بأن يطلق اللحية سنة عن الرسول، ولكنه لا يستمع إليّ. أريد زوجا ملتزما يأخذ بيدي إلى الجنة.
هل لو رفضت الخطوبة، ولم أكملها عليّ إثم؛ لأنه يقول لأهلي بأنه يحبني، ولكن لم أشعر تجاهه بأي شيء طوال فترة الخطوبة، ولكني أكملت حتى لا أجرحه فقط، كما أنه قبل الخطوبة اشترطت عليه أن أسكن بجوار أهلي ووافق، الآن يقول لي إننا لن نسكن بجوار أهلي، وسأنتقل لمحافظة أخرى بجوار عمله؛ لأن طبيعة عمله مهندس، وقد اقترب ميعاد الفرح، ولكن أهلي في أول الخطوبة كانوا موافقين عليه. أما الآن فأحس أنهم من كثرة أفعاله أنهم لا يوافقون عليه.
ماذا أفعل؟ أخاف أن أظلمه، وأخاف أن يظلمني، فلا يشجعني على التقرب من الله. أريد زوجا يأخذ بيدي إلى الجنة.
هل أستمر معه؟ هو ليس على قدر من الجمال، وهذا ما جعلني أرفضه في أول الخطبة، وما زلت غير متقبلة شكله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بين الشرع الحكيم أن معيار اختيار الزواج هو الدين والخلق، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.

وما ذكرت عن هذا الخاطب من صفات تدل على أنه ليس كذلك، هذا بالإضافة إلى أن هنالك بوادر خلاف في بعض الأمور؛ كمكان الإقامة بعد الزواج ونحو ذلك، والزواج غالبا ما يقصد منه الديمومة وطول العشرة. فإذا كان الأمر كذلك فالذي نراه أن الأولى فسخ الخطبة، ففسخها جائز لكلا الطرفين؛ لكونها مجرد مواعدة بينهما فليست بلازمة. وراجعي الفتوى رقم: 18857. والفراق الآن بفسخ الخطبة أهون أثرا من أن يتم الزواج ويكون بعده الطلاق.
وننبه إلى أمرين:

الأول: ليس للوالدين ولا غيرهما أن يلزما ابنتهما بخطبة من لا ترغب فيه زوجا، فالحياة مشوار طويل تحتاج إلى أن يكون هنالك ما يدعو إلى التوافق والانسجام بين الزوجين، فتستقر لأجل ذلك الحياة، ومن هنا شرعت النظرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: أي أجدر وأولى وأنسب أن يؤدم بينكما، أي بأن يؤلف ويوفق بينكما. اهـ.

الثاني: أن الأصل أن تقيم المرأة حيث يقيم زوجها إلا لعذر؛ كعدم الأمن، أو تكون قد اشترطت عليه الإقامة مع أهلها، ولتراجع الفتوى رقم: 72117، والفتوى رقم: 1357.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني