الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خصم المعلم من درجات الطلاب بسبب إساءة طالب.. رؤية شرعية أخلاقية

السؤال

لدينا معلم قام بخصم على كل الطلاب، بسبب أن طالبا تكلم معه بطريقة غير لائقة.
ما حكم ذلك، بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من القواعد المقررة شرعا، أنه لا يعاقب أحد بجناية غيره، فقد قال الله سبحانه في مواضع من كتابه العظيم: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، {الإسراء:15}،{فاطر:18}،{الزمر:7}.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال: حدثني أبي، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

فعقوبة المعلم للطلاب كلهم بسبب سوء خلق طالب واحد، ظلم وعدوان على حق أولئك الطلاب.

ثم إن الطالب الذي يسيء الخلق، إنما يملك المعلم إنقاص ما يستحق إنقاصه من درجات السلوك فقط، ولا يسوغ له أبدا التعرض لدرجاته في المادة العلمية.

قال ابن عثيمين: أما بالنسبة للأساتذة والمراقبين، فإن الأستاذ يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يعلم أنه حينما تقدم إليه هذه الأجوبة، فهو بمنزلة القاضي الذي يقضي بين اثنين فأكثر، والقاضي يجب عليه العدل بين الخصوم، وألا يحابي قريباً لقرابته، ولا غنياً لغناه، ولا فقيراً لفقره، ولا حسيباً لحسبه، ولا وضيعاً لوضاعته، كل الأوراق التي قدمت إليه سواء.
لا يجوز أن يفضل أحداً على أحد، ومن استحق فله الحق، ومن لم يستحق فاته الحق، لا يقول: هذا التلميذ غير مؤدب، فأنا سوف أنقصه من الدرجات مثلاً، هذا لا يحل. كونه غير مؤدب يمكن أن تعاقبه بعقوبة أخرى، أما المادة العلمية فلا يمكن أن تنقص منها درجة من أجل إخلاله بالخلق والمعاملة الطيبة، الإخلال بالخلق والمعاملة الطيبة له عقوبة ثانية، والمادة العلمية يجب أن يعطى الإنسان ما يستحق عليها. اللقاء الشهري.

وقال أيضا: فيجب على المدرس الذي يحدد هذه الدرجات أن يحكم بالعدل، وأن يتقي الله عز وجل، فإن كان أحد الطلبة أحسن سلوكاً وأخلاقاً، فإنه يعطيه درجته التي يستحقها، وينقص من الطالب السيء الأخلاق من درجات السلوك ما يستحقه، ولا يحابي في ذلك أحداً.

أما درجة العلوم والرياضيات، والمستوى العلمي، فلا يزيد فيها ولا ينقص منها نظراً لسلوك الطالب، وإنما يعطي كل طالب ما يستحقه من الدرجات. أرأيت لو تحاكم رجلان إلى قاض أحدهما كافر والآخر مسلم، فهل يهضم حق الكافر لأنه كافر؟ لا.

فمسألة الإجابة هي على حسب ما قدم لك من معلومات، سواءً كان سيء الأخلاق، أو حسن الأخلاق. اهـ. من لقاء الباب المفتوح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني