الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يَرُدُّ شيئًا من أحكام الإسلام الثابتة الصريحة

السؤال

ما حكم من لا يقبل بتشريع إسلامي صريح، ويدّعي أنه مسلم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان السائل يعني من يَرُدُّ شيئًا من أحكام الإسلام الثابتة الصريحة بعد العلم به، فهذا قد اختل عنده شرط من شروط كلمة التوحيد، وهو: القبول، قال الشيخ الدكتور صالح الفوزان في شرح ثلاثة الأصول، في بيان شروط كلمة التوحيد: القبول المنافي للرد، بأن لا ترد شيئًا من حقوق لا إله إلا الله، وما تدل عليه، بل تقبل كل ما تدل عليه لا إله إلا الله، تتقبله تقبلًا صحيحًا. اهـ.

وقال في كتاب عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها: الشرط الثالث: القبول لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك، ولم يلتزم به؛ كان من الذين قال الله فيهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات:36،35]، وهذا كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون: (لا إله إلا الله)، ولا يتركون عبادة القبور؛ فلا يكونون قابلين لمعنى لا إله إلا الله. اهـ.

وقال الشيخ الدكتور سعيد القحطاني في (العروة الوثقى): الشرط الثالث: القبول المنافي للرد؛ وذلك أن يقبل ما دلت عليه هذه الكلمة بقلبه، ولسانه، ويرضى بذلك؛ ولهذا كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله، ولكنهم لم يقبلوها، فذمهم الله تعالى، وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاّ الله يَسْتَكْبِرُونَ}، وقال: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ} ...

الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك، فينقاد لما دلت عليه، ويعبد الله وحده، ويعمل بشريعته، ويؤمن بها، ويعتقد أنها الحق.

ولعل الفرق بينه وبين القبول: أن الانقياد هو الاتباع بالأفعال، والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول، ويلزم منهما جميعًا الاتباع، ولكن الانقياد هو الاستسلام، والإذعان، وعدم الترك لشيء من شروط لا إله إلا الله. اهـ.

وقال الدكتور عبد الله الجبرين في تسهيل العقيدة الإسلامية: فمن نطق بهذه الكلمة، ولم يقبل بعض ما دلت عليه إما كبرًا، أو حسدًا، أو لغير ذلك، فإنه لا يستفيد من هذه الكلمة شيئًا، فمن لم يقبل أن تكون العبادة لله وحده، ومن ذلك عدم قبول التحاكم إلى شرعه تكبرًا، أو لم يقبل بطلان دين المشركين من عباد الأصنام، أو عباد القبور، أو اليهود، أو النصارى، أو غيرهم، فيقول: إن أديانهم صحيحة، فلا يقبل ما دلت عليه هذه الكلمة من بطلان هذه الأديان الشركية، فليس بمسلم. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 5398، 109343.

وهذا في ما يتعلق بقبول القلب واللسان.

وأما ترك الانقياد لأحكام الإسلام: فمنه ما يقدح في أصل الإيمان، ومنه ما يقدح في كماله الواجب، ومنه ما يقدح في كماله المستحب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 311263.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني