الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج الزكاة عن الأم طريحة الفراش بدون علمها

السؤال

نحن عائلة مكونة من ست إخوة -أربع إناث، وذكرين- مات أبي، وأمي ما زالت على قيد الحياة. أمي لها مبلغ مدخر يفوق نصاب الزكاة، ولها أيضاً كمية من الذهب المدخر (كمية صغيرة ولكنها بلغت النصاب).
أيضاً أمي تقاعست في إخراج زكاة المال والذهب لمدة سنوات، وهي الآن مريضة وطريحة الفراش. ونحن نشك شكا قريبا لليقين بأنها لم تخرج الزكاة لعدة أعوام.
اجتمعنا نحن الإخوة، وأردنا أن نخرج الزكاة الواجبة من مالها وذهبها، علماً أننا نستطيع الوصول إلى الذهب المدخر؛ لأنه مخبأ عند أحد الأشخاص من ذوي الثقة، ولكننا سوف نقوم بذلك بدون علمها حتى نضمن لها القيام بهذه الفريضة.
فهل يجوز لنا فعل ذلك أم لا؟ هدفنا في هذا هو القيام بفريضة الزكاة الواجبة على أمنا حتى تخرج من المحظور.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا كانت والدتكم لا تزال مدركة أي عاقلة، فإنه ليس لكم أن تُخرجوا زكاة مالها بدون إذنها، ولو تيقنتم أنها لم تخرج الزكاة، وذلك أن الزكاة كسائر العبادات تفتقر إلى النية، ولا تصح بدون نية، قال ابن قدامة في المغني: وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ إلَّا بِنِيَّةٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا. مَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا دَيْنٌ فَلَا تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلِهَذَا يُخْرِجُهَا وَلِيُّ الْيَتِيمِ، وَيَأْخُذُهَا السُّلْطَانُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ، وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} وَأَدَاؤُهَا عَمَلٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَنَوَّعُ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ، وَتُفَارِقُ قَضَاءَ الدَّيْنِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ مُسْتَحِقِّهِ، وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالسُّلْطَانُ يَنُوبَانِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا زَكَاتُهُ، أَوْ زَكَاةُ مَنْ يُخْرِجُ عَنْهُ. كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ ; لِأَنَّ مَحَلَّ الِاعْتِقَادَاتِ كُلِّهَا الْقَلْبُ . اهـــ.
وفي هذه الحال يبنغي لكم سؤالها والـتأكد منها هل أخرجت الزكاة عن السنوات الماضية أم لا؟ فإن لم تُخْرِجْهَا فانصحوها بالمبادرة إلى إخراجها، والتوبة إلى الله تعالى من المماطلة فيها.
وأما إن كانت والدتكم قد زال عقلها، فإن وليها يقوم بإخراج الزكاة عنها؛ لأن النية متعذرةٌ منها، فتقوم نية وليها مقامها، وانظري الفتوى رقم: 264526.
وأخيرا ننبه إلى أن الزكاة لا تجب في حلي المرأة المعد للزينة في قول جمهور أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 320941 ، وإن كان معدا للادخار، أو كان متخذا بنية التجارة، فالزكاة فيه واجبة كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 100370.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني