الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته: "عليّ الطلاق بالثلاثة ما أنت خارجة خارج الباب هذا" وخرجت من الباب

السؤال

حدث شجار بيني وبين زوجي، وعندما أردت الذهاب لبيت أبي قال لي: (عليّ الطلاق بالثلاثة ما أنت خارجة خارج الباب هذا)، وبعدها بنصف ساعة خرجت فعلًا من باب الشقة؛ لأذهب إليهم، وأثناء طلبي للمصعد طلب مني دخول الشقة، ومحاولة الصلح بالتراضي، والحديث، ودخلت معه، وعندما قلت له: إني قد خرجت من باب الشقة، قال لي: إن نيته كانت: (إذا حدث وذهبت إلى بيت أهلك، فيقع حينها اليمين، وإنما كان استخدام الباب ككناية، وهو لم يقصد المعنى الحرفي للكلام)، وبما أني لم أذهب، فهو غير شاك نهائيًا في الحلف، وكلما حاولت محاورته في هذا الموضوع يقول لي: أنا أعلم نيتي جيدًا، وواثق أن اليمين لم يقع، فأرجو الرد: هل يقع هذا يمينًا واحدًا، أم ثلاثًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أنّ المعتبر في الأيمان النية فيما يحتمله اللفظ، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك: أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له.

فإن كان زوجك قصد بيمينه منعك من الذهاب إلى بيت أهلك، وليس مجرد خروجك من الباب، فالظاهر لنا -والله أعلم- أنّه لم يحنث بخروجك من الباب، وهذا فيما بينه وبين الله، قال البهوتي -رحمه الله-: ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها، لم يحنث فيما بينه وبين الله، لكن لا يقبل منه ذلك حكمًا لبعده. اهـ.

وقول الزوج هو المعول عليه في قصده ونيته بيمينه؛ لأنه أعلم بنيته، جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: إذا اختلفا؛ فقال الزوج: لم أنوِ الطلاق بلفظ الاختيار، وأمرك بيدك. وقالت: بل نويت. كان القول قوله؛ لأنه أعلم بنيته، ولا سبيل إلى معرفته إلا من جهته. انتهى.

وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني