الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في أخذ الهدية مقابل الشفاعة المباحة

السؤال

أحد أقاربي يعرف مسؤولين في شركة ما، فتوسط لي للحصول على وظيفة، وبعد أن رزقني الله بهذه الوظيفة، طلب مني هذا القريب أن أعزمه على غداء. هل تعتبر رشوة إذا عزمته.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا القريب طلب منك دعوته على الغداء لمجرد القرابة والعلاقة التي بينكما، وليس مقابل الشفاعة في التوظيف، فهذا لا حرج فيه. أمّا إذا كان طلبه في مقابل الشفاعة، فقد اختلف أهل العلم في جواز أخذ الهدية مقابل الشفاعة المباحة، فبعضهم يمنعها، وبعضهم يجيزها، وعلى قول من يجيزها فلا حرج عليك في دعوة قريبك إلى الغداء.

جاء في سبل السلام للصنعاني –رحمه الله- : عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْهَدِيَّةِ فِي مُقَابَلَةِ الشَّفَاعَةِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءُ كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ عِنْدَ الشَّفَاعَةِ، أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهَا، وَتَسْمِيَتُهُ رِبًا مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ لِلشَّبَهِ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَالِ مِن الْغَيْرِ لَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهَذَا مِثْلُهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَتْ الشَّفَاعَةُ فِي وَاجِبٍ كَالشَّفَاعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فِي إنْقَاذِ الْمَظْلُومِ مِنْ يَدِ الظَّالِمِ، أَوْ كَانَتْ فِي مَحْظُورٍ؛ كَالشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ فِي تَوْلِيَةِ ظَالِمٍ عَلَى الرَّعِيَّةِ، فَإِنَّهَا فِي الْأُولَى وَاجِبَةٌ فَأَخْذُ الْهَدِيَّةِ فِي مُقَابِلِهَا مُحَرَّمٌ، وَالثَّانِيَةُ مَحْظُورَةٌ فَقَبْضُهَا فِي مُقَابِلِهَا مَحْظُورٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّفَاعَةُ فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ فَلَعَلَّهُ جَائِزٌ أَخْذُ الْهَدِيَّةِ لِأَنَّهَا مُكَافَأَةٌ عَلَى إحْسَانٍ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا تَحْرُمُ لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا تُؤْخَذُ عَلَيْهِ مُكَافَأَةٌ. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني