الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الإنجاب لئلا يولد طفل فاسد

السؤال

أنا متزوج، وقررنا أننا لن ننجب -إن شاء الله- لو كان ذلك مباحًا، والسبب كان قرارًا داخليًّا لكل واحد منا، رأى أنه لن يكون قادرًا على تحمل تلك المسؤولية؛ من تربية، وغيرها، والفكرة أننا لا نرغب في طفل يكبر على الأخلاق السيئة، ويصير فاسدًا مثل الكثير في هذا الزمن، فالموضوع ليس مجرد رغبة عن الإنجاب، ولكن لأننا لا نقدر على تحمل هذه المسؤولية، والصبر على المراهقة... إلخ، فهل ذلك مباح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن الإنجاب من أهم مقاصد الإسلام من تشريع الزواج، ففي تكثير النسل إعمار للأرض بطاعة الله وعبادته، وعز لأمة الإسلام، وإعلاء لكلمة الله تعالى؛ ولذا حثت عليه السنة المطهرة، روى أبو داود، وغيره، عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم.

ومن أجل ذلك جاء النهي عن التبتل، والاختصاء، وهو إزالة الخصيتين، كما يفعل بفحل الحيوان، فإن ذلك يقطع الإنجاب، ففي مسند أحمد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. قال ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لهذا الحديث: والحكمة في منعهم من الاختصاء، إرادة تكثير النسل؛ ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك؛ لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهو خلاف المقصود من البعثة المحمدية. اهـ.

فهذه أمور ينبغي أن تكون محل اعتبار لمن يقدم على الزواج، وما ذكرته لا يخلو من أن يكون مجرد هواجس، لا أساس لها، فلا ينبغي الالتفات إليها، ولا أن يفوت لأجلها هذا المقصد العظيم.

ثم إننا لا ندري لماذا يضع المسلم الاحتمال الأسوأ، وهو فساد الأولاد، ولا يضع احتمال صلاحهم، وفي صلاحهم خير كثير، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.

ولو أنهم فسدوا، فذلك لا يضير الوالدين شيئًا، إن بذلا جهدهما في أمر التربية، فهداية القلوب بيد رب العالمين تبارك وتعالى، فهذا نوح -وهو نبي، ومن أولي العزم من الرسل- فسد ولده، ومات على الكفر، وذلك لا يضره شيئًا.

وما قد يجده الوالدان من تعب ومشقة في التربية، لا يضيع سدى، فإنه ترفع لهما به الدرجات، وتكفر الذنوب والسيئات، كما هو الحال في كل بلاء ونصب، ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 268291.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني