الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يمكن القطع بمصير شخص معين إلى الجنة أو النار إلا بدليل من الوحي

السؤال

كيف أعرف أنني إلى الجنة أم إلى النار؟ أريد طريقة أتواصل فيها مع الله، فأنا أصبحت موسوسًا. أريد صلاة، أو طريقة توصلني مع الله، كالاستخارة مثلًا. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعلم بمصير العبد إلى الجنة أو النار، مرده إلى الله وحده، فلا يمكن القطع بمصير شخص معين إلى الجنة أو النار، إلا بدليل من الوحي، والمؤمن في هذه الدنيا يحيا بين الرجاء والخوف؛ مما يدفعه للكف عن المعاصي، والاجتهاد في الطاعات، وكلما وجد نفسه موفقًا من الله لفعل الطاعات، والبعد عن المعاصي، استبشر خيرًا، وإذا وجد خلاف ذلك، خشي على نفسه، وبادر بالتوبة، والرجوع إلى الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فأنت -يا أخي- إذا رأيت الله قد يسر لك عمل أهل السعادة، فأبشر أنك من أهل السعادة، وإذا رأيت نفسك أنك تنقاد للصلاة، للزكاة، لفعل الخير، عندك تقوى من الله عز وجل، فاعلم واستبشر أنك من أهل السعادة؛ لأن الله قال: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى}، وإن رأيت العكس، رأيت نفسك تنشرح بفعل السيئات -والعياذ بالله-، وتضيق ذرعًا بفعل الطاعات، فاحذر، أنقذ نفسك، وتب إلى الله عز وجل حتى ييسر الله لك. واعلم أنك إذا أقبلت على الله، أقبل الله عليك حتى إذا أذنبت مهما أذنبت، قال الله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا}. اهـ.

والسبيل إلى تقوية الصلة، والتقرب إلى الله تعالى هو الاجتهاد في العبادة، وعلى رأسها: أداء الفروض والواجبات، ثم الاجتهاد في النوافل، ففي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ.

ومن أعظم العبادات التي تقرب إلى الله الصلاة، فهي من أعظم أسباب الصلة بين العبد وربه، قال ابن القيم -رحمه الله-: وَسِرُّ ذَلِكَ: أَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلَى قَدْرِ صِلَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَبْوَابُهَا، وَتُقْطَعُ عَنْهُ مِنَ الشُّرُورِ أَسْبَابُهَا، وَتُفِيضُ عَلَيْهِ مَوَادُّ التَّوْفِيقِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعَافِيَةُ، وَالصِّحَّةُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالْغِنَى، وَالرَّاحَةُ، وَالنَّعِيمُ، وَالْأَفْرَاحُ، وَالْمَسَرَّاتُ كُلُّهَا مُحْضَرَةٌ لَدَيْهِ، وَمُسَارِعَةٌ إِلَيْهِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني