الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقن الخدّ لإعادته لشكله الطبيعي

السؤال

قمت بعملية خلع أضراس العقل جراحيًّا، وأدّى ذلك إلى نحف في وجهي بشكل ملحوظ، حيث كان وجهي مدورًا قبل العملية، وهو الآن يبدو نحيفًا وطويلًا، فما الحكم إذا قمت بحقن الخدود لإعادة شكل وجهي لما كان عليه؟ خاصة أنني على وشك الزواج، ولم أخبر خطيبي بهذا التغير الذي حصل في وجهي، وأصبح لدي مخاوف ووساوس من ردة فعله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا أثَّر خلع هذه الأضراس على وجه السائلة تأثيرًا غير معتاد، ومُشوِّهًا للخِلقة، ولم تجد وسيلة طبيعية لمعالجته، فلا حرج عليها - إن شاء الله - في إجراء هذا الحقن لإعادة الشكل إلى طبيعته المعتادة، من باب معالجة العيب، لا من باب طلب الحسن، وزيادة الجمال، ومثل هذه العمليات التجميلية لا تدخل في النهي، ولا في التغيير المحرم لخلق الله، وراجعي للفائدة الفتويين: 154393، 136804.

وقد تناول الدكتور صالح الفوزان في رسالته للدكتوراه: الجراحة التجميلية (ص: 263-265) عمليات إزالة التجاعيد بالحقن، وجراحة شدّ الوجه، وقال: حكم هذا القسم يختلف باختلاف دواعي إجرائه؛ ذلك أن له حالتين:

الحالة الأولى: أن يُصاب الشخص بهذه التجاعيد بصورة غير معتادة، كما لو أُصيب بها صغير السن بسبب الأمراض، والعوامل الخارجية التي سبقت الإشارة إليها، وكما لو كانت هذه التجاعيد على هيئةٍ غير معهودة، ولو عند كبير السن بسبب مرض، أو غيره، فتُزال هذه التجاعيد، والترهُلات عن طريق الوسائل السابقة.

وحكم هذه الحالة الجواز؛ وذلك لما يلي:

أ - أن إصابة الوجه بالتجاعيد في هذه الحالة ليس معتادًا، بل هو تشوّه، وعيب، وخِلْقة غير معهودة، وهذه حاجة تجيز العلاج، وإزالة العيب، وهذا مستثنى من عموم نصوص تحريم تغيير خلق الله تعالى؛ لوجود حاجة العلاج فيه، ويدل على ذلك قيد: (للحُسْن) في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وفيه: (والمتفلّجات للحُسْن، المغيرات خلق الله)، وفي بعض رواياته تقييد اللعن بلفظ: (إلا من داء)، وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: (من غير داء)؛ ولذا قال الشوكاني: قوله: ( إلا من داء)، ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين، لا لداء، وعلّة، فإنه ليس بمحرم، وقد تقدّم تقرير ذلك في الباب الأول.

ب - أن هذا النوع من الجراحة لا يشتمل على تغيير الخِلقة قصدًا، بل فيه إعادة إلى أصلها المعتاد.

ج - أن هذه التجاعيد غير المعهودة فيها تشويه ظاهر للوجه، ويتضرر منها الجلد، مع ما في مظهر الوجه من الضرر النفسي الذي يصيب صاحبه، وإزالة الضرر جائزة، فهذه الجراحات لإزالة العيب المشتمل على الضرر، والتجميل جاء تبعًا.

وينبغي التأكد على ضرورة التحقق من عدم ضرر هذه الإجراءات لإزالة التجاعيد، فإن كان فيها ضرر، لم تجز؛ ذلك أنه تقرر أن (الضرر لا يزال بالضرر)، وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- عن عدد من العمليات التجميلية لإزالة التشوه، ومنها: "شد جلدة الوجه المترهلة حتى يبدو الوجه طبيعيًّا".

فأجاب بقوله: "لا حرج في علاج الأدواء المذكورة بالأدوية الشرعية، أو الأدوية المباحة من الطبيب المختص، الذي يغلب على ظنه نجاح العملية؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على جواز علاج الأمراض، والأدواء، بالأدوية الشرعية، أو الأدوية المباحة، وأما الأدوية المحرمة -كالخمر، ونحوها-، فلا يجوز العلاج بها.

الحالة الثانية: أن يصاب الشخص بهذه التجاعيد بصورة معتادة، كما لو كان كبير السن، وظهرت التجاعيد على هيئة معتادة في هذه السنّ، ثم تزال هذه التجاعيد بهذه الوسائل. وحكم هذه الحالة التحريم ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني