الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن وقعت في الفاحشة وتابت وزوجها يضربها ويهددها بالفضيحة

السؤال

سيدة أبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عامًا، متزوجة من ثماني سنوات، ولي بنتان، وللأسف عانيت فيها كثيرًا، وهذا ليس مبررًا، فقد وقعت في خطيئة الزنى لمدة سبعة أشهر، وللأسف علم زوجي بذلك، ويعلم ربي أني تبت لله، وأقلعت عن هذا الذنب، وعزمت على ترك المعصية ابتغاء مرضاة الله، وزوجي قرر ألا يطلقني؛ حفاظًا على البنات والبيت، ولكني أعاني منه شر المعاناة من ضرب مبرح، وإهانة، ومذلة لي، وأقذع الألفاظ لي، ولأهلي، مع تهديد طول الوقت بالفضيحة، ويعلم الله أني تبت، ولا أدري ماذا أفعل. أرجو منكم النصيحة، وكلمات تعينني على الصبر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك، ونوصيك بكثرة الدعاء، فربنا سبحانه سميع قريب، وهو من يجيب دعوة المضطر، ويكشف عنه الضر، كما قال في محكم كتابه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

والزنى أمره عظيم، وهو من كبائر الذنوب، قرنه رب العزة والجلال في كتابه بالشرك، وقتل النفس، وهما من الموبقات، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان:68}.

وجاء في السنة أيضًا حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني بحليلة جارك". متفق عليه.

ومن هنا كان الحذر منه، ومن وسائله واجبًا، قال الله عز وجل: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، وقد أحسنت بتوبتك مما اقترفت، والواجب عليك اجتناب كل ما يمكن أن يؤدي إليه من خلوة محرمة، ونحو ذلك.

ولا يجوز لزوجك أن يعتدي عليك بالضرب، أو يهينك، أو يسبك، أو يسب أهلك، فذلك من الظلم، وراجعي في حكم ضرب الزوجة الفتوى رقم: 69.

فناصحيه، وذكريه بأن يتقي الله فيك، وأنه إن لم يعاشر بمعروف، فليفارق بإحسان.

ولا يجوز له أن يفضحك، فالستر على المسلم واجب.

وإن من سوء العشرة أن يهدد بالفضيحة، وهو مأمور شرعًا بأن يحسن معاملتك، كما قال الله سبحانه آمرًا الأزواج: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

فاستعيني عليه بالصبر، فعاقبة الصبر خير -بإذن الله-، وانظري الفتوى رقم: 18103.

والزمي الذكر، فبالذكر يهدأ البال وتطمئن النفس، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

واحرصي على مصاحبة النساء الخيرات، وملء وقتك بما ينفعك في دينك، ودنياك، وانظري لمزيد الفائدة الفتاوى: 1208، 10800، 12928.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني