الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بر الوالدين سبب تفريج الكربات وإجابة الدعوات

السؤال

منذ شهرين تمت خطبتي من طبيب، علمًا أنني كنت محتارة في الموافقة عليه، وكنت أستخير كثيرًا، ولكن في الاستخارة لم أكن أميز في وجود ميل للموافقة عليه أم لا، وحتى عند موافقتي عليه بقيت محتارة، وألقي باللوم على أهلي؛ لعدم مساعدتهم لي في الاختيار، وقد تم كتب كتابه عليّ، وتأتيني أوقات أندم فيها على الموافقة، وأقول: أريد الانفصال عنه لعدة أسباب؛ كسوء ظنه بالناس، فيتهم زوجة خاله أنها تعمل السحر، وأحيانًا يكذب، وهو متوسط الحال، ليس لديه بيت مستقل، ولا أرض خاصة يبني عليها، وأفكر في المستقبل، ولم يخبرني عند خطبتي أنه ينفق على أمّه، وعلى أخيه الذي يدرس الطب في الخارج، وفي شكله أنه أصلع، وحدث موقف بيننا وبين أمّه، فأنا أكرهها جدًّا ولا أطيقها، وقد استعجلوا عليّ في عقد الزواج، فعقد عليّ خلال 20 يوم من قراءة الفاتحة، وأدعو عليهم للاستعجال، وأدعو على والدته؛ لأنها في رأيي قد غشتني فيه، فقالت لي: إنه يعمل في أكثر من مشفى، وغير ذلك. فأرجو منكم أن تفيدوني، وهل في أسبابي عذر في طلب الفرقة منه؟ علمًا أنه يقول لي: أحبك جدًّا، ولكنه يريد أن يتزوجني بأقل التكاليف، على الرغم من أنه قد أشرف على زفاف أخيه، وتكلف فيه.
ولدي سؤال آخر وهو: هل عدم التوفيق في اختيار الزوج من عقوق الوالدين؟ فأنا في كثير من الأحيان أغضب والديَّ، وهل هناك سبيل إلى إرضائهما مع التوفيق في الزواج؟ بمعنى هل زواجي من هذا الشخص إن دعت عليّ والدتي، ثم رضيت عني، يكون لعلم الله بأنني سأرضيها، فيوفقني، أم لأنها دعت عليّ، فاستجاب الله لها، فلم يكتب لي التوفيق؟ أرجو إفادتي؛ ليطمئن قلبي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته عن زوجك، لا يبيح لك طلب الطلاق.

وعلامة الخيرة بعد الاستخارة هي ما يكون من تمام الأمر أو عدمه.

وأما انشراح الصدر، أو انقباضه، فلا عبرة به، ولا يعتمد عليه، وإنما يستأنس به فحسب.

لكن تقصيرك في حق والديك، وإغضابك لهما، ودعاؤك على أمّك منكر عظيم، وهو سبب لعدم التوفيق الدنيوي، والأخروي، ففي الحديث: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي، والعقوق. رواه الحاكم، وصححه الألباني. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا. [الإسراء: 23].

وبر الوالدين سبب تفريج الكربات، وتنزل البركات، وإجابة الدعوات، به يشرح الصدر، وتطيب الحياة، وهو طريق الجنة، والسعادة، ففي الحديث: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت، فأضع ذلك الباب، أو أحفظه. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

فالموفق من وفق إليه، والمحروم من حرمه -نسأل الله السلامة، والعافية-.

فاحذري كل الحذر مما يغضبهما، واسلكي كل السبل لإرضائهما، وإسعادهما، وتستعدين -بإذن الله- في حياتك، وفي آخرتك بسبب ذلك.

كما أن دعاء الوالدين على الولد، قد يستجاب؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الإنسان على نفسه، أو ولده، أو ماله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يسأل فيها عطاءٌ، فيستجيب لكم. أخرجه مسلم.

فالحذر مما يؤدي إلى غضبهما، فيدعوان عليك بسوء، فتشقين في حياتك أبدًا.

وكون الأم قد ترضى بعد غضبها، فهذا لا يمنع استجابة دعائها، وهكذا الأب؛ فليكن همّك إرضاؤهما، وتجنب ما يسخطهما، ولو أساءا، فليس لك مقابلة إساءتهما بمثلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني