الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 38 سنة، متزوج، ولدي أربعة أولاد. ولقد قمت مؤخرا منذ سبعة شهور بالزواج من أخرى، وكانت غير ملتزمة باللباس الشرعي (تلبس حجابا، لكن مع بنطلون وقميص أو بلوزة)، وتضع المكياج عند كل خروج، وعند الذهاب للعمل.
وتم الاتفاق بيني وبينها على أن يتم إلغاء كل هذه الأمور بعد الزواج، وتلتزم بالصلاة؛ لأنها كانت أيضا لا تصلي. وبعد الزواج لم تلتزم بهذه الأمور، وبقي الحال كما هو عليه غير ملتزمة بالصلاة، وتضع المكياج، وتشرب الدخان بشراهة.
ولقد قامت بأخذ قرض مالي من أجلي لإنشاء مشروع سوبرماركت، وتعهدت بسداد قيمة القسط كل شهر، ولغاية الآن أنا ملتزم بسداد القسط. ولكن بعد فترة اكتشفت أنني أنفر منها، ولا أطيق العيش معها، وحتى في الفراش أنفر منها، ولا أحب أن أقترب منها، وحتى عندما أقترب منها يكون الموضوع مخافة لله فيها لا أكثر، وكانت دائما تغضب لمجرد اتصال أولادي بي، وتوصيني بعدم اتصالهم بي في الوقت الذي أكون فيه عندها، ودائمة النكد والغضب، وتوصيني بعدم اتصال زوجتي الأولى بي أيضا في الوقت الذي أكون فيه عندها.
وبعد إنشاء المشروع لم أعد قادرا على التوفيق بين عملي ومشروعي، وبيت الزوجة الأولى والثانية. وتبين لي أني خفت ألا أقيم حدود الله مع زوجتي الثانية، وقلت لها أنا لا أريد أن أظلمك معي أكثر من ذلك، وأريد الطلاق وإن شاء الله ربنا يرزقك بزوج أفضل مني؛ لأني لم أعد قادرا على العيش معها، أنفر منها بكل شيء، وهي الآن حامل في الشهر الخامس.
وسؤالي: هل أكون قد ظلمتها إذا طلقتها؟ وهل يستجاب لدعوتها علي أن ينتقم الله مني، أو يأخذ حقها مني؟
مع الشكر للجميع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا طلقت زوجتك لسوء عشرتها ورقة دينها، وضعف رغبتك فيها، فلا إثم عليك في ذلك، ولا تكون ظالماً لها، وإذا دعت عليك بسبب تطليقها، فلا يكون هذا من دعاء المظلوم المستجاب.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في كلامه على أقسام الطلاق: والثالث : مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. اهـ.

لكن الذي ننصحك به أن تسعى في استصلاح زوجتك، وإعانتها على الاستقامة على طاعة الله والتوبة إليه، وخاصة المحافظة على الصلاة المفروضة، فهي عماد الدين ومفتاح كل خير، وراجع الفتوى رقم: 3830
فإن تابت زوجتك واستقامت، وعاشرتك بالمعروف، فأمسكها ولا تطلقها ولو كنت كارهاً لها، قال تعالى: { .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } النساء (19). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.

قال النووي رحمه الله: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
أمّا إذا لم تتب، وبقيت تاركة للصلاة، فلا ينبغي لك إمساكها.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وقال في الرجل له امرأة لا تصلي: يضربها ضربا رفيقا غير مبرح...... فإن لم تصل، فقد قال أحمد: أخشى أن لا يحل لرجل يقيم مع امرأة لا تصلي، ولا تغتسل من جنابة، ولا تتعلم القرآن. المغني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني