الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا

السؤال

بداية: أنا لا أزكي نفسي على الله. بفضل من الله هداني، وجعلني من مقيمي الفروض الخمس في أوقاتها، وفي جماعة، وخاصة صلاة الفجر، وجعلني بنعمة من عنده من مقيمي قيام الليل، والمحافظة على ورد يومي من قراءة كتابه الكريم، وألهمني الله الحفظ، وحفظت سورة البقرة، وأتابع لحفظ آل عمران، ولكن نفسي الضعيفة تخضع –بشكل غير كبير- إلى شهوات ما حرم الله، ثم أرجع وأتوب وأستغفر، ثم يأتي الشيطان بأناس يضعهم في طريقي، خاصة من النساء، وأكون على مقربة من الزنى بالاحتضان فقط، وأنا دائمًا أدعو الله ألا يجعل لشياطين الإنس والجن، ونفسي الأمارة بالسوء، مدخلًا إلى قلبي، فهل أنا منافق أم إن هذه ابتلاءات من الله؛ لاختبار إيماني؟ وهل كل ما أفعله من صلاة وطاعة، يذهب هباء منثورًا بفعل الذنوب؟ فأنا أخاف أن أكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأنت -والحال ما ذكر- ممن قال الله فيهم: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة:102}.

فالواجب عليك أن تترك هذه المعاصي، وأن تجاهد نفسك على الكفّ عنها، وأن تبتعد عن الأسباب الحاملة عليها، والداعية إليها.

واحذر على نفسك، وخف عليها؛ فإن استرسالك مع تلك المعاصي، قد يسلبك ما أنت مقيم عليه من الطاعات، وقد يؤدي إلى الختم على قلبك، وحصول الران -عياذًا بالله-، ومن ثم؛ تسوء خاتمتك.

وننصحك بقراءة كتاب: الداء والدواء لابن القيم؛ ففيه جملة وافية من آثار المعاصي التي يخشى عليك منها، أو من بعضها، وباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها.

والعبد إذا جاهد نفسه صادقًا، أعانه الله، مصداق قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}، فجاهد نفسك، وستحصل لك المعونة قطعًا -إن شاء الله-.

ولست -إن شاء الله- منافقًا، ولكن يخشى على من استرسل في المعاصي أن يؤول أمره إلى ما لا تحمد عاقبته.

وهذا امتحان من الله عز وجل؛ ليبلو صدقك، وإيمانك، ويقينك، ولا بد لك من أن تنتصر على نفسك الأمارة بالسوء، وإلا هلكت -والعياذ بالله-.

وتزود من الطاعات، وأكثر منها، وحافظ على ما أنت مقيم عليه من طاعة الله تعالى، وأكثر من الحسنات الماحيات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات -نسأل الله أن يمنّ عليك بتوبة نصوح-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني