الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التواصل بين الرجل والمرأة بالكلام أو برسالة لأجل الخطبة

السؤال

هذا سؤال من شاب سألنيه فلم أدر له جوابا، وحاولت كثيرا أن أضعه على الموقع، فلم أفلح من شدة الضغط.
يقول: وأنا في سفري ذات مرة من بلدتي إلى محل دراستي الجامعية، وبعدما وصلت مدينة الجامعة وركبت الحافلة إذا بها مزدحمة جدا، فقدر لي أن أقف أمام امرأة مسلمة شابة، ظننت من لباسها وحسبت -والله أعلم- أنها متدينة ؛ إذ لا يرتفع إلى الرجال نظرها فيما يبدو لي، ثم إن المكان أفسح قليلا حتى إني استطعت أن أبتعد عنها، ولكن قد جال في خاطري أن أخطبها، فشرعت أنظر إليها من بعيد، فجاء شاب آخر فوقف مكان وقوفي الأول، ولكن جعل يقترب منها بحجة الزحام، وأنه غير قاصد وهي تزجره بعينها مرة، وتشير إليه ثانية، وتزجره قولا ثالثة، فقلت له: تعال تعال بجواري، وأفسحت له مكانا بصعوبة ....ثم أخرجت من حقيبتي ورقة وكتبت عليها اسمي وعمري وبلدتي ودراستي، وقلت فيها اذا كنتِ غير متزوجة أو مخطوبة، فأعطي هذه الورقة لوليك (لأبيك أو لأخيك ) وعندما هممت بالنزول تقدمت نحوها، وقلت تفضلي يا أختي تفضلي يا أختي، فلم تتكلم وأخذت الورقة المطبقة من ثاني مرة، ونزلت
وهنا شطر الموضوع .... هل ما فعلته يجوز أو لا؟ ...إنما فعلت ذلك لعلمي بقصة الإمام أحمد، لما قال لابنه اتبعها، فجاء فقال دخلت بيت بشر بن الحارث، فقال: الله أكبر، من بيت بشر يخرج الورع ...فهذه أنا لا أعرفها، ولا أعرف بيتها، ولربما كانت من غير هذه المدينة، وهي في زيارة وأنا لا أستطيع أن أتبعها. إن سلمنا بجواز الفعل؛ لأني مشغول، وغير مهيئ لذلك نفسيا.
فهل هذا الذي فعلته يجوز أم إنه حرام؟
وأما شطره الثاني فهو أني ذات يوم وصلتني رسالة من رقم غريب، فيها: من أنت؟ فظننتها من صديق لي قد أرسلت له مبلغا من المال قبل يوم عبر الهاتف، فقلت لم يعرف رقمي، وأراد أن يعرف من أرسل له هذه النقود، وأنا لا أريده أن يعلم أني هو، فسكت.
ثم إنه بعد يومين جال في نفسي شيء، فقلت أريد أن أعرف من هذا؟ فاتصلت على الرقم فأجابت امرأة فقلت: إن هذا الرقم قد أرسل لي رسالة فيها من أنت ، فتلعثمت وقالت: لا، لا أعلم هذا لم أرسل شيئا بنبرة خائفة، فقلت السلام عليكم وأغلقت الهاتف، ولم يدر ببالي أنها هي تلك الفتاة أبدا؛ لأن طبيعة دراستي أن أشترك في دورات على الإنترنت، ثم يتصلون بي لتأكيد الحجز، فقلت هو أمر مثل هذا وسكت، ثم إذ بالهاتف يرن بعد ١٧ دقيقة برسالة أخرى فيها (تمام سأكون صريحة، أنا البنت التي أعطيتها ورقة فيها رقمك، وقلت أعطيه لأبيك، لقد فعلت ذلك، لكني متأكدة أنه لن يعطي اهتماما للموضوع أصلا، فضولي جعلني أبعث هذه الرسالة، لا أكثر ، وايموشن أو صورة وجه يضحك،) وكانت من نفس الرقم صاحب الرسالة الأولى. فما كان مني إلا أن اتصلت بأمي في بلدتي وقصصت عليها ما كان من أمر. أنها أرسلت رسالتين، وصنعت مكالمة، ولم أقل لها على موضوع الورقة في الحافلة؛ لأني كنت أعلمتها فورا بعدما نزلت من الحافلة يومئذ، فأرسلت إلى أمي رقم البنت وتواصلت هي معها.
فهل ما فعلته هذه البنت من تطلعها بنفسها لذاك الشاب برسالة يجوز؟
وهل كذبها حين قالت في مكالمته لا لم أرسل شيئا، لا لا أعرف شيئا. هل يغتفر لأنها كانت خائفة مثلا .... وهل ما ذكرت في رسالتها من علمها أن أباها لن يعطي للموضوع اهتماما هل هذا مسوغ شرعي لأن تحاول أن تتواصل هي مع الشاب بنفسها بتلك الرسالة ......؟
ثم فيما بعد من كلام أمي معها، تبين أنها أعطت الورقة لأمها وليس لأبيها. فهل هذا الكذب دليل على أنها ليست متدينة، أم هو من الكذب الجائز بغية الوصول لما هو أهم؟
وهل هذا الوجه الذي يضحك في آخر الرسالة دليل على شيء؟ أفيدونا أعظم الله العظيم أجوركم، فيا لعملكم العظيم من عظمة ورحمة، أنكم تدلونا على طريق ربنا فبارك الله في أعماركم، ورزقكم الجنة بغير حساب. ولا سابقة عذاب. اللهم آمين.
هي أرسلت رسالة .... من أنت؟
هو صنع مكالمة .... لم أرسلت الرسالة ...؟ حوالي ٢٣ ثانية.
هي أرسلت رسالة .... أنا البنت ......
نرجو منكم توضيح.
1- جواز ما فعله الشاب من بادئ الأمر من عدمه.
2- جواز ما فعلته الشابة من عدمه.
3- توضيح ما كان يجب على كليهما أن يقوم به، وما الأولى لهما أن يفعلاه.
4- إسداء نصائح طيبة حول الموضوع بصفة عامة، وعن النقاط التي أكد عليها السائل بما يعني أنه في أمَس الحاجة لتلك النقاط.
5-بيان طريقة شرعية تجوز للحصول على زوجة إذا ما ظن بها أنها متدينة.
خاصة إذا لم يمكن التوصل إلى أهلها ووليها إلا عن طريقها، أي لا بد من البداءة بها وهي تخبر وليها، ثم يكون كل شيء معه وعن طريقه بعد ذلك. فما الحل إذا ...؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما فعله هذا الشاب من إعطاء الورقة لهذه الفتاة، لا حرج فيه -إن شاء الله- إن كان لمجرد معرفة ما إن كانت متزوجة أم لا؟ لكونه يرغب في خطبتها، ولم يتجاوز حدود الشرع في ذلك. والرجل يجوز له أن يعرض نفسه على المرأة، مبديا الرغبة في الزواج منها، كما أنها يجوز لها ذلك معه، ولتراجع الفتوى رقم: 18430.

وليس هنالك ما يمنع شرعا أن تتواصل الفتاة مع الشاب مباشرة بالكلام، أو برسالة في إطار أمر الخطبة أو الزواج، فالمحادثة بين الأجنبيين جائزة للحاجة، ووفقا للضوابط الشرعية كما أسلفنا. هذا مع التنبيه إلى وجوب الحذر من كل ما يمكن أن يؤدي إلى فتنة، ولذلك شدد الفقهاء في أمر كلام الرجل مع الأجنبية الشابة، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 21582.

والسبيل الأمثل عند الرغبة في الزواج، وعند البحث عن الزوجة الصالحة أن لا يغتر الرجل بما قد يظهر له من المرأة، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة معه، بل الأولى سؤال الثقات ممن عاشروها وتعاملوا معها، فإن أثنوا عليها خيرا، تقدم لخطبتها من وليها، واستخار الله تبارك وتعالى في أمر الزواج منها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8757، والفتوى رقم: 19333.

وكون هذه الفتاة تقول إنها لم ترسل الرسالة، وهي قد أرسلتها، فهذا إخبار بخلاف الواقع، وهذه هي حقيقة الكذب، ولكن يمكن أن يكون لها عذر في ذلك، فربما تكون قد استخدمت المعاريض، وفي المعاريض مخرج من الوقوع في الكذب، وانظر الفتوى رقم: 37533.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني