الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خرجت من بيت زوجها لبيت عمها فحلف زوجها بالطلاق ألا يأتي بها من بيت عمها

السؤال

زوجة تركت بيت زوجها، وذهبت إلى بيت عمها، فحلف زوجها بالطلاق مرتين ألا يدخل بيت عمها، وأنه لن يأتي بها، وعمها حالف أنه لن يرجعها، إلا إذا أتى زوجها ليأخذها من بيت عمها.
فالزوج يسأل: كيف يتصرف لكي يرجعها؟
أرجو الرد ضروري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت الزوجة خرجت من بيت زوجها دون إذنه، لغير ضرورة، فهي آثمة، والواجب عليها الرجوع إلى بيت زوجها، ولا حقّ لعمها في اشتراط مجيء زوجها لرجوعها.

جاء في بغية المسترشدين (شافعي): ..خرجت من بيت زوجها على سبيل النشوز، فلا بد لعود المؤن من عودها إليه، ولا يكفي قولها: رجعت عن النشوز فليأت إليّ، ولا يكلف الزوج الإتيان إليها وإن أمكنه، وكانت عادة البلد وهي من ذوي الأقدار، هذا هو المذهب الذي لا ريب فيه كما أفتى به القلعي، لكن ينبغي الإتيان إليها إذا طلبت منه ذلك؛ لما يترتب عليه من جبر القلوب، والوفاء بحسن العشرة، والمصاحبة بالمعروف. اهـ.
فإذا رجعت الزوجة إلى بيتها دون أن يأتيها زوجها، فقد برّ زوجها في يمينه، وحنث عمّها في يمينه، إن كانت يمينه على أن لا تخرج إلا إذا جاء زوجها. فإن كان حلف يميناً بالله، فإنه يكفر كفارة اليمين، المبينة في الفتوى رقم: 2022
وإن كان حلف بالطلاق، فالمفتى به عندنا وقوع طلاقه، وهو مذهب الجمهور، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592
أمّا إذا كانت الزوجة خرجت من بيت زوجها لعذر ككونه لا ينفق عليها، أو لكونه يضربها ضرباً مبرحاً، ونحو ذلك، فينبغي على زوجها أن يأتي إلى بيت عمها ليرجعها، وانظر الفتوى رقم: 213277
وإذا لم تكن الزوجة معذورة في خروجها، وأبى عمها إرجاعها إلا أن يأتي زوجها إليها، فلا حرج على الزوج في إتيانها ليرجعها ويحنث في يمينه، وقد قدمنا ما يترتب على الحنث في يمين الطلاق، وعلى القول بوقوعه، وكان غير مكمل للثلاث، فللزوج مراجعة زوجته في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعاً في الفتوى رقم: 54195
وإذا كان أحدهما إذا حنث وقع طلاقه مكملاً للثلاث، فينبغي على الآخر إبرار يمينه، دفعاً لمفسدة الطلاق الثلاث.
وننبه إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فينبغي الحذر من الحلف به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني