الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من حلف أيمانا على ترك عدة أمور، وحنث

السؤال

لو أن شخصا كان قد حلف على عدم مشاهدة الأفلام الإباحية. وحلف أيضا على عدم مشاهدة فيديوهات الرقص والخلاعة، وعلى عدم مشاهدة صور العري (قال نصاً: والله لن أشاهد أفلاما إباحية، والله لن أشاهد فيديوهات رقص، والله لن أنظر إلى صور إباحية، ولا صور نساء، والله لن أمارس عادة سرية، والله لن أدخل على صفحة ظاهرها أنها تنشر العري).
عندما يخرج كفارة. هل يخرجها عن كل مسألة وحدها، أو يخرج كفارة واحدة عنها كلها؟
وجزاكم الله خيراً، وزادكم علما، ونفع بكم.
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن حلف على ترك هذه الأشياء، وفعل شيئاً منها، فكفّر عن يمينه، ثم فعل شيئاً آخر، فعليه كفارة أخرى. وهكذا، كلما فعل شيئاً مما حلف على تركه، كفر عنه كفارة يمين.

أما إذا حنث في الجميع قبل أن يكفر عن يمينه، فالجمهور على أنّه يكفر عن كل يمين كفارة، وبعض أهل العلم يرى أن كفارة واحدة تجزئه.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَإِنْ حَلَفَ أَيْمَانًا عَلَى أَجْنَاسٍ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلَتْ، وَاَللَّهِ لَا شَرِبْت، وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت. فَحَنِثَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ. فَإِنْ أَخْرَجَهَا، ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينٍ أُخْرَى، لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا أَيْضًا خِلَافًا؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الثَّانِيَةِ تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، بَعْدَ أَنْ كَفَّرَ عَنْ الْأُولَى، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ فِي رَمَضَانَ، فَكَفَّرَ، ثُمَّ وَطِئَ مَرَّةً أُخْرَى. وَإِنْ حَنِثَ فِي الْجَمِيعِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ.
هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَرَوَاهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَرَوَاهَا ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ الْقَاضِي: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ قَوْلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَمَذْهَبُهُ أَنَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً تُجْزِئُهُ.
وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَاتٌ مِنْ جِنْسٍ، فَتَدَاخَلَتْ، كَالْحُدُودِ مِنْ جِنْسٍ. اهـ.
واعلم أنّ استعمال الأيمان لحمل النفس على الإقلاع عن المعاصي، مسلك غير سديد، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 151459
والسبيل القويم هو الاستعانة بالله عز وجل، والتوبة النصوح، وراجع الفتوى رقم: 7170

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني