الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل المرأة بخاطب حصل على الإقامة في بلاد الغرب بطريقة محرمة جهلًا؟

السؤال

تقدم لي شاب مهاجر، يعمل في أمريكا منذ خمس سنوات، وبعد شهر من الخطبة قال لي من باب الأمانة: إنه قام بعمل عقد زواج صوري دون أن يراها، أو يقابلها، أو يعيش معها إلا لحظة توقيع عقد الزواج، أو توقيع عقد الطلاق بعد سنة ونصف، مقابل مال؛ من أجل الحصول على الإقامة، وإن الأمر لا يعلمه أحد حتى والداه، ووقتها لم أكن أعلم أن الأمر حرام شرعًا، فلم أتكلم في الأمر معه، وبعد ثلاثة أشهر قرأت في الموضوع، وعلمت أن الأمر حرام، وعندما صارحته قال: إنه لم يكن يعلم أنه حرام، فهل هناك مشكلة في أن أكمل الخطبة والزواج؟ وهل يجب أن يخبر والديه؛ لكي يكون الزواج صحيحًا؟ وما الحكم في أنه لم يكن يعلم بأنه حرام؟ وهل هناك أمور مترتبة على هذا العقد الصوري يجب القيام بها من الناحية الشرعية؟ مع العلم أني ناقشت أبي وأمي في الموضوع، ونحن نبحث في الأمر. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا حكم الزواج الصوري، وتفصيل القول فيه، وما يمكن أن يترتب على كل صورة من صوره، فراجعي الفتوى: 71548.

وإذا لم يكن الزواج بقصد دوام العشرة، فإنه لا يخلو من الوقوع في شيء من المحاذير الشرعية.

وإذا لم يكن هذا الشاب يعلم حرمة ما أقدم عليه، فنرجو أن لا إثم عليه في ذلك؛ فقد دلت الأدلة الشرعية على أن الجهل عذر يرفع المؤاخذة في الجملة، ومن ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التوبة:115}، وكما في حديث المسيء صلاته، وحديث معاوية بن الحكم في كلامه في الصلاة جهلًا، وحديث بول الأعرابي في المسجد، وغير ذلك من النصوص الدالة على عذر الجاهل، ورفع المؤاخذة عنه.

وينبغي للمسلم أن يسأل عما يجهل من حكم ما يريد الإقدام على فعله، فقد قال الله عز وجل: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.

وإذا كان هذا الشاب على دين وخلق، فاقبلي به خاطبًا وزوجًا، ففي الحديث الذي رواه الترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

ولا تلتفتوا إلى ما مضى من أمر العقد الصوري.

ولا يشترط إخبار الوالدين لصحة الزواج، ولمعرفة شروط الزواج الصحيح راجعي الفتوى رقم: 1766.

ولو أنه أخبر والديه بأمر زواجه منك، فهذا أفضل، فربما قد يترتب على عدم إخباره إياهما شيء من العواقب غير الحميدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني