الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجب الستر على النفس وعدم فضحها

السؤال

كنت على علاقة قبل زواجي، وتزوجت، والحمد لله، لكن خنت زوجي بمكالمات وصور. هل أعترف له بخيانتي؛ لأن الله سيحاسبني عليها؟ أم أكتم على الموضوع؛ لأني -والله- تبت إلى الله توبة نصوحا، وأحب زوجي، وهو شاك فيّ، لكن لم ير عليّ شيئا، وأنا تبت من سنة، وتبت قبل أن يشك فيّ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فيجب عليك أيتها السائلة مع التوبة أن تستري على نفسك ولا تفضحيها، ومن تاب تاب الله عليه، وقد رَغَّبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم العصاةَ في ستر أنفسهم وعدم فضحها فقال: اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِلْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه البيهقي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

وقد قالت امرأة لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّ كَريّي يَتَنَاوَلُ سَاقِي، فَأَعْرَضَتْ عائشةُ عَنْهَا بِوَجْهِهَا، وَقَالَتْ: أَخْرِجِيهَا، فَأُخْرِجَتِ المرأةُ عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عائشة عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَتْ: يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إِذَا أَصَابَتِ الذَّنْبَ فسُتر عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَ مَا سَتَرَ اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ، وَلَا تُبدي لِلنَّاسِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ وَلَا يُغَيِّرُونَ، وَإِنَّ الله يُغيّر ولا يُعَيّر. رواه إسحاق بن راهويه في مسنده.
وروى مالك في الموطأ والنسائي في السنن الكبرى وغيرهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْآخِرَ قَدْ زِنَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِي؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: تُبْ إِلَى اللهِ، فَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ فَأَتَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ .. إلخ.
فاستتري أيتها السائلة بستر الله تعالى، ولا تُخبري زوجك، ولا تهدمي بيتك، وأحسني فيما بقي من عمرك؛ لعل الله تعالى أن يديم ستره عليك في الدنيا والآخرة. وقد جاء في حديث في إسناده ضعف: مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا فَيُعَيِّرُهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الطبراني والبزار.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني