الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يفعل من كثرت عليه المشاكل والأمراض؟

السؤال

يا شيوخ أرجوكم انصحوني نصيحة تفيدني.
أنا بنت غير متزوجة، عمري 23 سنة. ابتلاني الله بأكثر من مشكلة صحية، والحمد لله على كل حال.
-عندي التهاب مسالك بولية حاد.
-وعندي إمساك حاد.
-وقشرة في الرأس.
-وحب شباب.
-ولدي كيس مائي في الرحم.
-ولدي التهاب في المهبل.
-والدورة الشهرية غير منتظمة.
-والتهاب أذن وسطى في كلا الأذنين.
-ومصابة بالديدان الدبوسية.
-وضعف نظر.
-وفشل في الدراسة رغم اهتمامي والتزامي.
-وقبل يومين شعرت بألم حاد في الثدي الأيسر، وعندما لمسته وجدت كتلة صلبة على الحلمة، ومؤلمة جدا أكاد أبكي عندما ألمسها بالخطأ.
-وكذلك منذ سنتين أعاني من القمل في رأسي، وجربت أكثر من حل، ولم أجد فائدة.
-ولدي بواسير في المرحلة الثانية.
-والحزاز الجلدي المسطح.
-وخروج غازات مستمرة، ذات رائحة كريهة جدا.
-وأحلم بأحلام سيئة جدا، وأكثرها رؤية الأفاعي بالحلم.
-وخطبت قبل سنة، ولكن تم فسخ الخطوبة بدون أي سبب واضح، رغم أننا كنا متفاهمين جدا.
-أشعر بضيق، لدرجة أنني أتعمد البكاء كي أشعر بالارتياح قليلا.
-لم أفلح في الالتزام بأداء الصلاة في وقتها.
أصلي ولم تفتني صلاة، ولكن ليست في أوقاتها.
ومشاكلي الصحية متناقضة جدا، أي إذا حاولت علاج التهاب المسالك بالمضادات الحيوية، سوف يتفاقم التهاب المهبل الفطري بسبب المضادات.
وإذا عالجت عدم انتظام الدورة الشهرية بالهرمونات البديلة، سوف يزيد حجم الكيس المائي الموجود في الرحم.
لا أعلم ما هو الحل والله إني في ضيق، وأشعر بالحزن على حالي رغم أنني والله لست مهملة لنظافتي الشخصية.
أسألكم بالله أن تساعدوني ولو بنصيحة، أو بدعاء؛
لأني لست كبيرة في السن كي أصاب بكل هذه الأمراض.
وأريد أن أعرف هل من الممكن أن تكون هذه المشاكل لسبب روحاني، أم إنها أسباب بدنية، وأصبت بها عن طريق الصدفة.
بارك الله فيكم إخوتي في الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإننا نسأل الله تعالى أن يشفيك مما أصابك من الأمراض، وأن يجعل ذلك كفارة ورفعة لدرجاتك. ونذكرك بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه أحمد وابن ماجه، وانظري للأهمية، الفتوى رقم: 339703، والفتوى رقم: 19002، والفتوى رقم: 170565.
وأما هل يمكن أن يكون ما أصابك بسبب روحاني على حد وصفك، فجوابه أن ما أصابك إنما هو بقدر الله تعالى، والأمراض وإن كانت عضوية، فلا يبعد أن تكون بسبب أذية الشياطين، وقد قال أيوب عليه السلام مستغيثا بربه: أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ. [ص: 41].

قال ابن جرير: يَعْنِي: «الْبَلَاءَ فِي الْجَسَدِ»، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: إِذْ نَادَى رَبَّهُ مُسْتَغِيثًا بِهِ، أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِي. اهـ.

والمشروع للمسلم أن يستغيث بالله تعالى كما استغاث به عبده أيوب عليه السلام، وأن يتداوى أيضا بمراجعة الأطباء، وأيضا بالأدعية والرقية المشروعة من الكتاب والسنة، مع عدم اليأس فإنه كما قال الله تعالى: { ... إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } سورة يوسف: 87.

قال القرطبي في تفسيره: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) أَيْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ فَرَجِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، يُرِيدُ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرْجُو فَرَجَ اللَّهِ، وَالْكَافِرَ يَقْنَطُ فِي الشِّدَّةِ. اهــ.

وقال ابن جرير: {إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يَعْنِي: الْقَوْمَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى مَا شَاءَ تَكْوِينُهُ. اهـ.

فاحذري اليأسَ من الشفاء، ولا تكوني من الجاهلين بقدرة الله تعالى وعظيمِ رحمته، واجتهدي في الأخذ بالأسباب من التداوي والرقية الشرعية، وسوف تجدين الفَرَجَ بإذن الله تعالى.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني