الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي الحكم على الزوجة بناءً على تصرف خاطئ مع إغفال الجوانب الأخرى

السؤال

متزوج منذ سنتين، وعندي طفلة عمرها 7 أشهر، وطوال المدة الماضية ونحن في مشاكل، فزوجتي تحب أهلها كثيرًا، وهي على استعداد لإنهاء الزواج لأجلهم في أي وقت، رغم أن أهلها في وقت الزواج جعلوها سلعة تباع وتشترى، ولم يرفعوا من شأنها في الأعياد، والمواسم، والأمور الأخرى، مع أنها أمور فرعية، لا أقف عليها، لكنها في المجمل: عدم تقدير لي ولها، ولكني تداركت ذلك فيما بعد.
وهي تبرر لأهلها كل خطأ، بأعذار وهمية، وفي نظرها أنهم ليسوا على خطأ، وأنا لا أنكر أنها تحبني كثيرًا؛ لدرجة أنها تغار عليّ من أي أحد، حتى أنها تغار من أمي، وهذا الشيء يضايقني، ولكني تداركته مراعاة لمشاعرها أيضًا.
المشكلة أني رأيت محادثات كتابية بينها وبين صديقاتها، وسمعت محادثات صوتية بينها وبين زوجة ابن عمي تهين والدتي، وتدّعي افتراءات لم تحدث.
أنا لا أريد أن أحقق في الموضوع؛ حتى لا أتسبب في خراب بيت أحد، أو إثارة مشاكل، خصوصًا الأطراف المتعلقة بالموضوع، وهم زوجة أخي -أي: ابنة عمي-، والأخرى زوجة ابن عمي.
أنا حائر في أمري جدًّا بخصوص إهانتها وافترائها، وكذلك رأيت صورة لها غير التي أعرفها، ولا أريد أن أتسرع في قرار أندم عليه لاحقًا.
أفضَّل أن أصل إلى حلٍّ لا يلحقني فيه وزر من الناحية الدينية، خصوصًا أني علمت أنها تسب والدتي، وأنا لا أثق فيها مرة أخرى.
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولاً إلى أنّ التجسس على الزوجة، أو غيرها؛ محرم، لا يجوز إلا في بعض الأحوال التي يظهر فيها ريبة، فيجوز لمنع منكر، أو درء مفسدة، كما بينا ذلك في الفتويين: 15454، 30115.

وبخصوص ما اطلعت عليه من كلام زوجتك عن أمّك بسوء بغير حقّ، فهو مخالف للشرع، والخلق القويم، لكنّ ذلك لا ينبغي أن يكون سببًا في هدم العلاقة الزوجية، أو فقدان الثقة في الزوجة، فالأمر أهون من ذلك.

ولا ينبغي أن تحكم على الزوجة بناءً على تصرف خاطئ، أو خلق سيء، مع إغفال النظر عن الجوانب الأخرى، فينبغي أن تنظر إلى الجوانب الطيبة في صفاتها وأخلاقها، وتوازن بين الحسنات والسيئات، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِي مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم. قال النووي -رحمه الله-: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا، بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.

فتعامل مع زوجتك بحكمة، ورفق، ووجّه لها نصيحة عامة بالحرص على حسن الخلق، والبعد عن ظلم الآخرين، أو الإساءة إليهم بغير حق، والحذر من الوقوع في الغيبة، والنميمة، ووجوب حفظ اللسان.

وبين لها أنّ إحسان كل من الزوجين إلى أهل الآخر، وتجاوزه عن هفواتهم، وإعانته على بر والديه، وصلة رحمه، من كمال حسن العشرة، ومكارم الأخلاق، وراجع الفتوى رقم: 316654.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني