الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يخرج المؤلف زكاة على نسخ الكتاب المبيعة وغير المبيعة؟

السؤال

أنا مؤلف كتاب تعليمي، وهذا الكتاب طبعت منه 2000 نسخة، وهي مطروحة في المكتبات منذ حوالي أربع سنوات، ولم يبع منها إلى الآن إلا حوالي 1300 نسخة. فهل عليّ أن أزكي عنها الأربع سنوات الماضية؟ وهل عليّ أن أزكي كل عام مادامت مطروحة في المكتبات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت الكتب معروضة للبيع فهي عرض تجاري إذا كانت قد ملكت بمعاوضة. قال الشربيني في مغني المحتاج: إنما يصير العرض للتجارة إذا اقترنت نيتها بكسبه بمعاوضة محضة. اهـ وطباعة الكتاب بالمال هي اكتسابه بمعاوضة.

وإذا كان الأمر كذلك فتجب الزكاة في قيمتها، ولو لم يتم بيعها بعد، فتقوّم في نهاية الحول ويخرج عنها (2.5%) إذا كان مجموع قيمتها بالغاً النصاب.
وتتناولها أحكام عروض التجارة من حيث الزكاة وغيرها، فقد روى أبو دواد بإسناد حسن عن سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخرج الصدقة مما نعده للبيع. ولمعرفة كيفية زكاة الكتب انظر الفتوى رقم: 186529.

والقول بالنظر إلى قيمة العروض المعدة للتجارة وأداء زكاتها حتى وإن كسدت تجارتها هو قول الجمهور.

وبعض أهل العلم يرى أنه لا يزكى منها إلا ما بيع فقط، فيزكى عن حول واحد، واختار هذا الرأي كثير من الفقهاء المعاصرين لما فيه من التيسير، يقول الشيخ يوسف القرضاوي في فقه الزكاة: قد يكون لرأي مالك وسحنون مجال يؤخذ به فيه، وذلك في أحوال الكساد والبوار الذي يصيب بعض السلع في بعض السنين، حتى لتمر الأعوام ولا يباع منها إلا القليل، فمن التيسير والتخفيف على من هذه حاله ألا تؤخذ منه الزكاة إلا عما يبيعه فعلاً، على أن يعفى عما مضى عليه من أعوام الكساد، وذلك لأن ما أصابه ليس باختياره، ولا من صنع يده. اهـ.

وفي الشرح الممتع على زاد المستقنع للعثيمين: يرى بعض العلماء: أنه لا شيء عليه في هذه الحال ـ أي في حال كساد الأرض ـ لأن هذا يشبه الدين على المعسر في عدم التصرف فيه، حتى يتمكن من بيعها، فإذا باعها حينئذ قلنا له: زك لسنة البيع فقط، وهذا في الحقيقة فيه تيسير على الأمة، وفيه موافقة للقواعد، لأن هذا الرجل يقول: أنا لا أنتظر الزيادة أنا أنتظر من يقول: بع علي، والأرض نفسها ليست مالاً زكوياً في ذاتها حتى نقول: تجب عليك الزكاة في عينه، أما الدراهم المبقاة في البنك، أو في الصندوق من أجل أن يشتري بها داراً للسكنى أو يجعلها صداقاً، فهي لا تزيد لكن لا شك أن فيها زكاة، والفرق بينها وبين الأرض الكاسدة: أن الزكاة واجبة في عين الدراهم، وأما الزكاة في العروض فهي في قيمتها، وقيمتها حين الكساد غير مقدور عليها، فهي بمنزلة الدين على معسر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني