الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة السارق الذي لا يعلم قدر المسروقات بالتحديد

السؤال

عندما كان عمري 16 أو 17 سنة كنت أسرق أشياء من البقالة –عصيرات، وبسكويتات-، علمًا أني تبت منذ فترة طويلة، وعمري الآن 25 عامًا، فهل يلزمني السداد لهم؟ علمًا أني لا أعرف قيمتها الآن؟ وهل أُمْنَعُ من إجابة دعائي؛ لأني كنت أسرق؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن ترد مثلما سرقت إلى أصحاب البقالة.

وإذا كنت لا تعلم قدر هذه المسروقات بالتحديد؛ فإنّ عليك أن تتحرى قدر استطاعتك، بحيث تطمئن أنّك رددت الحق، أو أكثر منه، قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366) عند تفسيره لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة:278}: "قُلْتُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى

ولا يشترط أن تخبر أصحاب البقالة أنك سرقت هذه الأشياء منهم، ولكن يكفي أن تردها إليهم بأي وسيلة، وانظر الفتوى رقم: 59771.

وما دمت تائبًا من هذه السرقات، فلا تكون مانعًا من إجابة دعائك، فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني