الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط العمل في جمعية خيرية بها اختلاط

السؤال

أنا شاب أعمل في جمعية خيرية، تقوم بمساعدة الكثير من الفقراء، وعلاج الكثير المرضى، ولكن بها اختلاط، ويجب علي إضافة بعضهن على إحدى مواقع التواصل للاتفاق على توزيع طعام، أو لحضور اجتماعات خاصة بالجمعية للاتفاق على خطط العمل، علما بأني أغض بصري دائما، ولا أريد سوى الأجر من الله تعالى. فما حكم العمل في هذه الجمعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله لك التوفيق والعون، وننبه إلى أن العمل الخيري كغيره من الأعمال يتعين أن يكون العاملون فيه منضبطين بالضوابط الشرعية، ومن تلك الضوابط تجنب الاختلاط المحرم، وفي حال الحاجة إلى تلاقي النساء والرجال، فيجب التزام الجميع بغض البصر، والاقتصار في الكلام والتخاطب على قدر ما تدعو له الحاجة من مقتضيات العمل.

ويجب على النساء الالتزام بالحجاب الشرعي الكامل، وعدم الخضوع بالقول، وأما ترخيم الصوت عند الكلام، وكثرة المزاح، فإن ذلك من مظان إثارة الفتنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه. وقال أيضًا: اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يَخْتَلِفُ حُكْمُ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِحَسَبِ مُوَافَقَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ، فَيَحْرُمُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَ فِيهِ: الْخَلْوَةُ بِالأْجْنَبِيَّةِ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِلَيْهَا. أو تَبَذُّل الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ احْتِشَامِهَا. أو عَبَثٌ وَلَهْوٌ وَمُلاَمَسَةٌ لَلأْبْدَانِ؛ كَالاِخْتِلاَطِ فِي الأْفْرَاحِ وَالْمَوَالِدِ وَالأْعْيَادِ، فَالاِخْتِلاَطُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِثْل هَذِهِ الأْمُورِ حَرَامٌ، لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ. وَيَجُوزُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ؛ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدِ. انتهى بتصرُّف يسير.

فإذا كان عملك يترتب عليه الاختلاط المحرم الذي هواجتماع الرجال والنساء تحت سقف واحد، دون الالتزام بالضوابط الشرعية، كأن تكون هناك مماسة بين الجنسين، أو عدم احتجاب النساء، أو خضوعهنَّ بالقول، ونحو ذلك. فالواجب عليك أن تنأى بنفسك عن كل ما يمكن أن يسبب لك فتنة، أو يوقعك في الإثم، ولا يشفع لك كون عملك في المجال الخيري، فمن قواعد الشريعة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأن إيصال النفع للفقراء ليس متعينا في هذه الجمعية.
وينبغي أن تدعو أهل هذه الجمعية لإصلاح حالهم، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فإن كان بإمكانك الحصول على عمل غير هذا، فلا تتردد في تركه، وكذا الحال إذا كنت غير محتاج للعمل فيه أصلاً، وأما إن كنت مضطرًا إليه لمعاشك ولم تجد غيره، فلا مانع من بقائك فيه في انتظار وجود فرصة عمل أخرى بعيدة عن مواطن الفتنة.

وإلى أن تتوفر هذه الفرصة، فاجتهد في أن تغض بصرك، وتتجنب الحديث مع النساء في غير ما تدعو له الحاجة، مع تجنب الخلوة بهن، وكل ما من شأنه إثارة الفتنة.

وأما التواصل مع بعض النساء عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي لمصلحة العمل؛ فنرجو أن لا يكون فيه حرج بشرط أمن الفتنة، وعدم الريبة، والاقتصار في الكلام على ما يحتاجه العمل.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني