الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بذل المستحق لاجتياز الامتحان المال مقابل النجاح؟

السؤال

أنا شاب عمري 19 سنة، اجتزت مؤخرًا امتحانًا لولوج معهد معين، يتيح لي التخصص في مهنة أحبها وأعشقها، وأشعر أنني سأتفانى في عملها، مع العلم أن عدد المقاعد المتاحة قليل جدًّا، ولم أوفق في اجتياز الامتحان بنجاح، والذي حزَّ في نفسي وأحزنني هو أن مجموعة ممن اجتازوا الامتحان، أعطت المال لأطراف وكوادر معينة لاجتياز الامتحان بنجاح، وفئة أخرى اجتازته بحظٍّ عظيم؛ لأنه تم تفريقنا على عدة قاعات متعددة ومجموعات أثناء اجتياز الامتحان، وبعض هذه القاعات شهدت غشًّا من بعض المترشحين لاجتياز الامتحان، بمساعدة من القائمين على مراقبة المجتازين، ويوجد من اجتاز الامتحان عن جدارة واستحقاق، وأنا كنت أستحق اجتياز ذلك الامتحان، لولا غياب العدل، وتكافؤ الفرص؛ بسبب معدل الانتقاء الأولي لاجتياز الامتحان، الذي كنت أتوفر عليه، بالإضافة إلى أنني أعرف حق المعرفة المستوى التعليمي لبعض من اجتازوا الامتحان بنجاح، وما أخاف منه شر خوف، هو أن أفشل مرة أخرى في اجتياز الامتحان؛ لأنه لا زالت لديّ فرصة أخرى السنة المقبلة فقط إن شاء الله، فإذا أعطيت المال أيضًا لأجتاز الامتحان، فهل يعتبر ذلك رشوة؟ وإذا سهّل الله لي، وأنهيت دراستي بذلك المعهد، وتخرجت منه، وحصلت على عمل، فهل المال الذي سأجنيه من ذلك العمل "الأجرة الشهرية" حرام؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما بذل المال مقابل النجاح في الامتحان، فلا يجوز، وهو رشوة محرمة، وفعل البعض له، لا يسوغه، وليحذر المرء أن يكون إمعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا. رواه الترمذي.

وقد ذكرت أن هنالك من نجح بجدارة واستحقاق، فكن من أولئك، لا من صنف الغاشين، ولا الراشين.

واعلم أن الحظ الحسن هو في امتثال الأوامر، واجتناب والنواهي، ولو فات المرء ما فاته من أمور الدنيا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم عن أبي أمامة. وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

وأما قولك: لو درست في المعهد، والتحقت به بطريق غير مشروع، وتخرجت منه، ووجدت عملًا، فهل يؤثر ما حصل من تجاوز في دخول المعهد في الراتب؟

فالجواب أن المرء إذا وجد عملًا مشروعًا، وكان يؤديه على الوجه المطلوب، فالراتب الذي يعطاه مقابل ذلك العمل، مباح له، وعليه إثم ما حصل منه من غش، أو رشوة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني