الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يشرع ترك دعاء المسألة

السؤال

كنت جاهلة وغبية، ولم أكن أعلم بأن الله يحب من يسأله ويلحُّ عليه بالدعاء، فقلت: أعاهدك ربي أن لا أدعوك بغير هذا الأمر، فقط حققه لي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ترك دعاء الله جل وعلا دعاء المسألة لا ريب في أنه ليس بمشروع، فدعاء المسألة إما واجب وإما مستحب، قال ابن تيمية: ما يروى أن جبريل عرض لإبراهيم الخليل لما ألقي في المنجنيق فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، فقال: سل، فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي. فهذا ليس له إسناد معروف؛ بل الذي في الصحيح أنه قال: حسبي الله ونعم الوكيل، لم يقل ذلك اللفظ.

ثم إن هذا الأثر يقتضي أن إبراهيم اكتفى بعلم الرب عن سؤاله، وهذا يقتضي أن العبد لا يسوغ له الدعاء اكتفاء بعلم الرب بحاله، وهذا خلاف ما حكاه الله عن إبراهيم، وخلاف ما اتفقت عليه الأنبياء، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} {البقرة:126} إلى قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة 126-129]، فهذه دعوة متعددة من إبراهيم، وأدعية إبراهيم في القرآن كثيرة.

وقد ذكر الله عن الأنبياء أنهم دعوه بمصالح الدين والدنيا والآخرة. ونصوص الكتاب والسنة متظاهرة على الأمر بالدعاء أمر إيجاب أو أمر استحباب، فكيف يقال إن تركه مشروع لعلم الرب بحال العبد؟! وإلا فقد قال تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء 32]، وقال: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف 55]، وقال تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر 60]، وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {غافر:14}، [غافر 14].

وفي الترمذي: من لم يسأل الله يغضب عليه، وفيه: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى في شسع نعله إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر.

والنصوص بذلك كثيرة، وليس في الدعاء إعلام جاهل ولا تذكير غافل، بل فيه إيمان العبد بقدرة الله ورحمته وإخلاصه له وذله وخشوعه له، وهذا تحقيق التوحيد. اهـ. باختصار من الرد على الشاذلي.

وأما معاهدة الله: فإن المرجح عندنا أنها تارة تكون يمينا ونذرا، وتارة يمينا فقط، فإن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين، وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، فالعهد يفارق النذر في أنه تجب فيه كفارة اليمين بكل حال عند عدم الوفاء به. وراجعي في هذا الفتويين: 67979، 135742.

وبعد هذا: فعليك الإعراض عن تلك المعاهدة وترك الوفاء بها، والإقبالُ على دعاء الله وسؤاله، وعليك إخراج كفارة اليمين، وراجعي في بيانها الفتوى: 2053.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني