الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل لمن تحرش بطفلٍ في بيت من بيوت الله من توبة؟

السؤال

أكتب لكم لطلب النصح، والفتوى، في مسألة تؤرقني منذ زمن، فقد كنت منذ فترة المراهقة أحب الصلاة، وقراءة القرآن، والمساجد، وفي فترة ضعف حينما كنت شابًّا، تحرشت جنسيًّا بأحد الأطفال في بيت من بيوت الله، وأصبحت منذ ذلك الوقت أكره نفسي الأمّارة بالسوء، وأسأل نفسي: هل أنا منافق أم كافر، أم شيطان في جسم إنسان؟! وأحس أن دعائي غير مستجاب، وأن صلاتي غير مقبولة، وأنني ملعون، وأنني كتبت شقيًّا، وأنني في حرب مع الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى: "من عادى لي وليًّا؛ فقد آذنته بالحرب"، وأحس أنني داخل في خانة الظالمين، الذين لا يهديهم الله، ولن ينالوا الشفاعة، وداخل في قوله تعالى: "وسعى في خرابها"؛ فدخلت في حالة من اليأس، والقنوط؛ لأن الله أخبرنا أن لهم في الدنيا خزيًّا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم، فهل لمثلي من توبة؟ وهل يجب أن أطلب العفو من هذا الطفل، ومن والديه؛ لأتحلل من مظلمتي؟ وهل جريمتي هذه تدخل فيمن سعى في خرابها؟ وكيف لي أن أكفّر عما صنعت، وأن أكون مؤمنًا -بإذن الله-، وأن أستجلب رحمة الله في الدنيا والآخرة؟
أرشدوني، وادعوا لي بالهداية -جزاكم الله خيرًا-، فقد ضاقت بي الأرض بما رحبت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن ما فعلته قبيح جدًّا، ولكن ما دمت قد تبت إلى الله تعالى؛ فإن التوبة تمحو ما سبقها من الإثم.

وإذا صدقت توبتك، فإنك تكون كمن لم يذنب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له.

فأقبل على الله بإخلاص، وصدق، واندم على ما بدر منك، وأكثر من الحسنات الماحية، والزم الاستغفار، وأحسن ظنك بربك تعالى؛ فإنه تعالى غفور رحيم، قال جل اسمه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

ولا تيأس من رحمته تعالى؛ فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون.

ولست -إن شاء الله- ما دمت قد تبت، ممن يسعى في خراب المساجد، أو الصد عنها.

ولا تستحل الطفل، ولا تخبر أباه؛ لما في ذلك من المفسدة العظيمة، بل استتر بستر الله، وأحسن فيما بينك وبين الله، واجتهد في الاستغفار، وفعل الخيرات -نسأل الله أن يغفر لك، ويعفو عنك-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني