الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الزوجة لزوجها مقيدة

السؤال

أنا متزوجة منذ خمس سنوات. ودارت بيني وبين زوجي العديد من الخلافات، ولجأنا لطرق حل كثيرة. ولكن أساس المشكلة أن زوجي لديه قناعات بأن له حق الطاعة المطلقة، وأنه إذا أمر أي أمر يجب أن ينفذ فورا، بغض النظر عن أي أسباب أخرى، أو موانع. وأي اعتراض يعتبره عصيانا وتحديا، وأني لا أحترم رجولته، حتى لو كانت أوامر غير أساسية وغير ضرورية، ويمكن الاستغناء عنها، لكن أحيانا يأمر بها من باب إجباري وإعلامي بأنه ليس لي حرية اختيار، وأني هنا الرجل ولست أنت من تقررين. وذلك أوقعنا في مشاكل كثيرة جدا على أسباب تافهة، وتكبر المشاكل لتصل لمشادات كلامية بيني وبينه، ويعتدي بالسب، وكثيرا ما يضرب على الوجه، بحجة أني عصيت أوامره. وقد أتجنبه كثيرا، لكنه يظل يحاول استفزازي، وقد أخطئ وأفقد أعصابي أنا أيضا.
في آخر مرة حاول الكثيرون التدخل، لكن للأسف عندما يروي كل واحد مشكلته، يعرضها بطريقة تبين أنه ليس لي حق، وأن علي الطاعة، وليس لي حق اختيار أو إبداء رأي، أو حتى اعتراض، ولا نتفق بسهولة على أي أمر. وصلت حالي في آخر مشكلة أني لم أعد أستطع التعامل معه، خاصة أنه في كل مشكلة يشتكيني لوالدي. فذهبت لبيت والدي من دون استئذانه، ولكني أخبرته قبلها أني فعلا لم أعد أطيق الاستمرار، وسأذهب إلى بيت والدي، ولكنه ظنه تهديدا ليس أكثر. وأنا الآن في بيت والدي؛ لعلي أجد حلا، أو نترك لأنفسنا وقتا ليراجع كل منا نفسه، ويعيد مراجعة أفكاره وتصرفاته، أو ليشعر بقيمتي، ولا يستسهل إهانتي سواء خارج البيت أو داخله، ولا ضربي.
ما حكم تركي للبيت، مع العلم أنه أثناء خلافات كثيرة هو من كان يلح علي للذهاب إلي أبي، وكنت أرفض، وأتمسك بالمكوث في بيتي، ولم أخرج هذه المرة إلا لقلة حيلتي، وعدم استطاعتي الاستمرار على هذه الطريقة في المعاملة، مع العلم أن فيه مميزات جيدة، وأولاده يحبونه وهو يحبهم. لكن لا توجد بيننا مودة في التعامل.
أرجو سرعة الرد إن أمكن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت خرجت من البيت دون إذن زوجك، لمجرد الخلافات التي حصلت بينكما، فهذا غير جائز. وأمّا إن كنت خرجت دفعاً لأذى الزوج كضربه لك ضرباً مبرحاً، فهذا جائز، وليس نشوزاً، وراجعي الفتوى رقم: 376477.
ونصيحتنا لك أن ترجعي إلى بيتك، وتتفاهمي مع زوجك، وتعاشريه بالمعروف، وتطيعيه في المعروف، وتعرفي له حقه. ونصيحتنا لزوجك أن يتقي الله، ويعاشرك بالمعروف، ويعلم أنّ طاعة الزوجة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة، فهي لا تكون فيما خالف الشرع، ولا تكون فيما يضر بالمرأة، أو يحملّها فوق طاقتها، كما أنها تختص بأمور النكاح وما يتعلق به. كما نص على ذلك بعض أهل العلم، وراجعي الفتوى رقم: 144069
وننبهه إلى أن قوامة الرجل لا تعني تسلطه وتجبره على المرأة، وإساءة عشرتها، وإنما القوامة تعني رعاية المصالح الدينية والدنيوية، وتقتضي الرحمة والإحسان.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة:228}: وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه. قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع. اهـ.
فإن استقامت الأمور بينكما، فتعاشرا بالمعروف، وتغاضيا عن الزلات والهفوات، وإن لم يحصل التفاهم، وعاد الشقاق بينكما، فينبغي أن يتدخل حكم من أهله، وحكم من أهلك؛ ليصلحوا بينكما.

ولمزيد من الفائدة، ننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني