الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذر ترك العادة السيئة وإن فعلها فسيصوم ستة أو تسعة أيام عن كل مرة

السؤال

منذ ست سنوات نذرت ألّا أفعل العادة السرية، وإذا فعلتها قلت: "سوف أصوم ستة أيام أو تسعة أيام عن كل مرة"، لا أتذكر بالضبط هل هي تسعة أم ستة، ولم أعلم هل هي متتابعة، فإذا فعلتها مرتين، فهل أصوم تسعة ثم تسعة متتابعة أم لا؟ فأنا لا أتذكر، وكانت نيتي عندما نذرت تلك العادة التي أستخدم فيها شيئًا لأصل للرعشة، ولكن لم أعلم أصلًا أن التفكير وحده، أو مشاهدة شيء يعتبر من العادة السرية إلا مؤخرًا، لكنني استمررت بالتفكير؛ لأنني قلت لنفسي: إن نيتي لم تكن عن التفكير، أو النظر، بل كانت عن استخدام اليد، أو بعض الأمور، فهل تدخل في نذري الذي لم تكن نيتي فيه التفكير، أو النظر لشيء؟ وماذا أفعل الآن؟ هل أصوم ستة أم تسعة؟ وهل أصومها متتالية ستة خلفها ستة متتالية؟ أم ماذا أفعل؟ وإذا صمت خمسة أيام متتالية، ثم جاءتني الدورة في اليوم السادس، أو مرضت في وسطها، واضطررت أن أفطر، فهل أعيد الأيام الخمسة من جديد؟ أرجوكم ساعدوني. علمًا أنني تبت من جميع هذه الأمور توبة من أعماق قلبي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يقبل توبتك، ويقيل عثرتك، ثم إن هذا النذر الذي صدر عنك هو المعروف بنذر اللجاج، والعبد مخير فيه -على الراجح- بين فعل ما نذره، وبين أن يكفّر كفارة يمين.

وإن كنت استعملت لفظًا يفيد التكرار، كأن قلت: "كلما فعلت هذه العادة، فعليّ صيام هذه الأيام"، فإن الكفارة تتكرر بتكرر الفعل.

وأما إن لم يصدر عنك لفظ يفيد التكرار، فلا تلزمك إلا كفارة واحدة.

وعند الحنابلة أنك إذا لم تكوني كفّرت عن شيء من تلك النذور، فإنه تلزمك كفارة واحدة؛ لأن موجب تلك الكفارات واحد، فتتداخل، ويسعك العمل بهذا القول.

وإن أردت الاحتياط والتكفير عن كل واحد منها، فهو حسن، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 377689، 296458، 358519.

وإذا علمت هذا؛ فإن أردت الوفاء بما نذرت، فعليك صيام ستة أيام فحسب، ولا يلزمك صيام تسعة؛ لأن الأصل عدم المشكوك فيه، وكذا إذا لم تشترطي تتابعها، فلا يلزمك صومها متتابعة، وانظري الفتوى رقم: 128187.

وللفائدة نبين لك أن الحيض، والمرض لا يقطعان التتابع الواجب في الصوم، وإن كان الصوم لا يلزمك متتابعًا ما دمت لم تنويه -كما ذكرنا-، وانظري الفتوى رقم: 134792.

ولا يعد تفكيرك المذكور موجبًا للكفارة، ما دمت لم تنوي دخوله فيما نذرت تركه.

وحيث اخترت الكفارة لا الصيام، فالواجب عليك إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن هذه الثلاثة، فعليك صيام ثلاثة أيام.

والقول في تعدد الكفارة قد مر، وأنه لا يلزمك عند الحنابلة بحال، ويلزمك عند غيرهم، إن كنت تلفظت بلفظ يفيد التكرار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني